شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   القسم العام (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   مَتْنُ الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ ( ابن تيميه ) (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=20862)

نبض القلب ابها 01-01-2010 12:51PM

مَتْنُ الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ ( ابن تيميه )
 

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب في متن العقيدة الوسطيه منسوخ من مكتبتة الورد خاصتي والغرض منه المنفعه لي ولكم وهو لوجه الله سبحانه وتعالي فمن أراد النفع والعلم فليقراء فلا يجد فيما ينفعه في الدنيا والآخره ممللاً وطولاً لقرأته فهو العلم الذي ينتفع به يوم القيامه وهو ما يسجل لنا في الآخره بأذن الله ضمن الأعمال الصالحه
والغرض من هذا النشر عمل صالح اسأل أن يكتبه الله عز وجل لي
وأتمنى منكم الدعوة لوالدي رحمة الله بالمغفروالرحمة
وأسأل الله لي ولكم النفع والسداد ....


همسه يا أخوان >>> وقتك لن يضيع في قرأته بل هو مكسب لك فأنت أخي الهارب من القراءة من أمة أمرت بالعلم فكيف نتعلم أن لم نقراء ما يعود علينا بالنفع .


(أقرائه على أجزاء متفاوته وليس في نفس الوقت )


عَقِيدَةُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ






قَالَ الْمُصَنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارًا بِهِ وَتَوْحِيدًا, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ, وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا

أَمَّا بَعْدُ

فَهَذَا اِعْتِقَادُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ الْمَنْصُورَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ, وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ, وَرُسُلِهِ, وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ, وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ

وَمِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ الْإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ, وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ; مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ, بَلْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11) فَلَا يَنْفُونَ عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَلَا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ, وَلَا يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ, وَلَا يُكَيِّفُونَ وَلَا يُمَثِّلُونَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ خَلْقِهِ; لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا سَمِيَّ لَهُ, وَلَا كُفْءَ لَهُ, وَلَا نِدَّ لَهُ, وَلَا يُقَاسُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَأَصْدَقُ قِيلاً, وَأَحْسَنُ حَدِيثًا مِنْ خَلْقِهِ

ثُمَّ رُسُلُهُ صَادِقُونَ مُصَدَّقُونَ; بِخِلَافِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ, وَلِهَذَا قَالَ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات:180) (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (الصافات:181)

فَسَبَّحَ نَفْسَهَ عَمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ, وَسَلَّمَ عَلَى الْمُرْسَلِينَ; لِسَلَامَةِ مَا قَالُوهُ مِن النَّقْصِ وَالْعَيْبِ

وَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ جَمَعَ فِيمَا وَصَفَ وسَمَّى بِهِ نَفْسَهُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ

فَلَا عُدُولَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ; فَإِنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ, صِرَاطُ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِن النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ



الْجَمْعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي وَصْفِهِ تَعَالَى

وَقَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ

مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ الَّتِي تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ; حَيْثُ يَقُولُ:

(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الاخلاص:1) (اللَّهُ الصَّمَدُ) (الاخلاص:2) )لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) (الاخلاص:3) (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الاخلاص:4)

وَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي أعْظَمِ آيَةٍ فِي كِتَابِهِ; حَيْثُ يَقُولُ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (البقرة:255)

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الحديد:3)

وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ)(الفرقان: من الآية58)

وَقَوْلُهُ: ( وهوالعليم الحكيم ) (التحريم- 2) ( وهو الحكيم الخبير (1) (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (سـبأ:2)

(وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59)

وَقَوْلُهُ : ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ)(فاطر: من الآية-11)(وفصلت 47 )

وقوله تعالى ( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(الطلاق: من الآية12) وَقَوْلُهُ : )إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذريات:58) وَقَوْلُهُ: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11)وَقَوْلُهُ: ( إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)(النساء: من الآية58)وَقَوْلُهُ: (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)(الكهف: من الآية39) وَقَوْلُهُ : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)(البقرة: من الآية253) ،

وَقَوْلُهُ : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ)(المائدة: من الآية1)

وَقَوْلُهُ (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ)(الأنعام: من الآية125)وَقَوْلُهُ : ( وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(البقرة: من الآية195) ( وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)(الحجرات: من الآية9) ) فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)(التوبة: من الآية7) (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: من الآية222)وَقَوْلُهُ: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّه)(آل عمران: من الآية31) وَقَوْلُهُ: ) فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه)(المائدة: من الآية54)وَقَوْلُهُ: )إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف:4) وَقَوْلُهُ: )وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج:14) وَقَوْلُهُ: ( وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)(النمل: من الآية30). (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما)(غافر: من الآية7) وقوله : ( وكان بالمؤمنين رحيما)(الاحزاب 43)

وقوله : (ورحمتى وسعت كل شئ) (الاعراف 156)وقوله:( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة)(الأنعام: من الآية54) قوله:( وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(يونس: من الآية107) )فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(يوسف: من الآية64)

قَوْلُهُ : ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ)(المائدة: من الآية119(وَقَوْلُهُ : )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ)(النساء: من الآية93) وَقَوْلُهُ : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:28)(فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)(الزخرف: من الآية55)، وَقَوْلُهُ: ( كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ )(التوبة: من الآية46)وَقَوْلُهُ : )كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:3)

وَقَوْلُهُ : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ)(البقرة: من الآية210) ، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ )(الأنعام: من الآية158)، وقوله : (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً) (الفجر:21) )وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) (الفجر:22) (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) (الفرقان:25) وَقَوْلُهُ (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) (الرحمن:27) ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه)(القصص: من الآية88)

وَقَوْلُهُ :( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي)(صّ: من الآية75)وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ )(المائدة: من الآية64)وَقَوْلُهُ : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا )(الطور: من الآية48)

(وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) (القمر:13) )تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) (القمر:14)

( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)(طـه: من الآية39) وَقَوْلُهُ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1) ، وَقَوْلُهُ (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)(آل عمران: من الآية181)وَقَوْلُهُ :)أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف:80) (قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) (طـه:46) (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) (العلق:14) (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ) (الشعراء:218) )(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (الشعراء:219) )إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الشعراء:220)

وَقَوْلُهُ :)وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:105) وقوله : ) وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)(الرعد: من الآية13)

وَقَوْلُهُ :)وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (آل عمران:54) ، وَقَوْلُهُ :)وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل:50) ، وَقَوْلُهُ )إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً) (الطارق:15) (وَأَكِيدُ كَيْداً) (الطارق:16)

وَقَوْلُهُ :(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) (النساء:149) ، وقوله تعالي (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(النور: من الآية22)وَقَوْلُهُ : ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(المنافقون: من الآية8) ، وَقَوْلُهُ عَنْ إِبْلِيسَ (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:82)

وَقَوْلُهُ : (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) (الرحمن:78) ، وَقَوْلُهُ :) فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)(مريم: من الآية65) وقوله :)وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الاخلاص:4) ، وَقَوْلُهُ :) فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية22)، )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّه)(البقرة: من الآية165) وقوله : )وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (الاسراء:111) وَقَوْلُهُ :(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التغابن:1)

وَقَوْلُهُ)تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2)

وَقَوْلُهُ :(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (المؤمنون:91) (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (المؤمنون:92)

وقوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل:74) ، وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (لأعراف:33)

وَقَوْلُهُ: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) فِي سَبْعِ مَوَاضِعَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ 54

قَوْلُهُ :)إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)(لأعراف: من الآية54) ([1]) وَقَالَ فِي سُورَةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ )إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش)(يونس: من الآية3)

وفى قوله (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )(الرعد: من الآية2) ِ وفى قوله: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) ([2]) وَقَالَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ (ثم استوى على العرش) ([3]) وَقَالَ فِي سُورَةِ الم السَّجْدَة 4 ) (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )(السجدة: من الآية4) ([4]) وَقَالَ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ 4 )هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )(الحديد: من الآية4)

وَقَوْلُهُ :( يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَي)(آل عمران: من الآية55)(بل رفعه الله اليه)( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه)(فاطر: من الآية10)( يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ)(غافر: من الآية36) )(أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً )(غافر: من الآية37) ، وَقَوْلُهُ : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) (الملك:16) (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) (الملك:17)

وقوله (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد:4)

، وَقَوْلُهُ :(مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(المجادلة: من الآية7)

وَقَوْلُهُ :(لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا )(التوبة: من الآية40) ، وَقَوْلُهُ :(إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)(طـه: من الآية46) ، وَقَوْلُهُ :(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128) وَقَوْلُهُ :(وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(لأنفال: من الآية46) ِ وقوله:)كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(البقرة: من الآية249)

وَقَوْلُهُ :(ومن أصدق من الله حديثا) ([5]) سُورَةِ النِّسَاءِ87 )

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ )(المائدة: من الآية116)(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً (الأنعام: من الآية115) وَقَوْلُهُ :( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً)(النساء: من الآية164) ، وقوله: (منهم من كلم الله)، (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّه)(لأعراف: من الآية143) ،)وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً) (مريم:52)

وقوله:(وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الشعراء:10) وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ )(لأعراف: من الآية22)

وَقَوْلُهُ :)وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (القصص:65)

(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)(التوبة: من الآية6) (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(البقرة: من الآية75) ، ( يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْل)(الفتح: من الآية15) ، (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ)(الكهف: من الآية27) ِ ، وَقَوْلُهُ :(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (النمل:76) (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ )(الأنعام: من الآية92) ، (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّه)(الحشر: من الآية21)(وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (النحل:101) (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103)

وَقَوْلُهُ :(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) (القيامة:22) )إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23) (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) (المطففين:35) )لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: من الآية26)

وَقَوْلُهُ : (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) (قّ:35) ، وَهَذَا الْبَابُ فِي كِتَابِ اللَّهِ كَثِيرٌ, مَنْ تَدَبَّرَ الْقُرْآنَ طَالِباً لِلْهُدَى مِنْهُ; تَبَيَّنْ لَهُ طَرِيقُ الْحَقِّ

فصل

ثُمَّ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) فَالسُّنَّةُ تُفَسِّرُ الْقُرْآنَ, وَتُبَيِّنُهُ، وَتَدُلُّ عَلَيْهِ, وَتُعَبِّرُ عَنْهُ

وَمَا وَصَفَ الرَّسُولُ بِهِ رَبَّهُ عز وجل مِنَ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحَ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقَبُولِ; وَجَبَ الْإِيمَانِ بِهَا كَذَلِك.َ

فَمِنْ ذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ, فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَه،ُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ? مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ. )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنَ التَّائِبَ مِنْ أَحَدِكُمْ بِرَاحِلَتِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ (صلى الله عليه وسلم )(( يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ (( عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ خَيْرِهِ ، يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ أَزِلينَ قَنِطِينَ, فَيَظَلُّ يَضْحَكُ يَعْلَمُ أَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ )) حَدِيثٌ حَسَنٌ .

وَقَوْلُهُ (صلى الله عليه وسلم )(( لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَهِيَ تَقُولُ هَلْ مَنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا رِجْلَهُ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَيْهَا قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ, فَتَقُولُ قَطْ قَطْ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلِهِ (( يَقُولُ تَعَالَى يَا آدَمُ! فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ فَيُنَادِي بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ (( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ )) .

وَقَوْلُهُ فِي رُقْيَةِ الْمَرِيضِ (( رَبَّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ, أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ, كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ اِجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ, اِغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا, أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ, أَنْزَلَ رَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ, وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ; فَيَبْرَأَ )) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلِهِ (( أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) حَدِيثٌ صَحِيحٌ . وَقَوْلُهُ (( وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْمَاءِ, وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ, وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ )) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ .

وَقَوْلُهُ لِلْجَارِيَةِ (( أَيْنَ اللَّهُ? قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا? قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وَقَوْلُهُ (( أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ )) حَدِيثٌ حَسَنٌ

وَقَوْلُهُ (( إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ; فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ, وَلَا عَنْ يَمِينِهِ; فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ, وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ, أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ (صلى الله عليه وسلم )(( اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ, رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ, فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنَزِّلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ, أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي, وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا, أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ, وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ, وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ, وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ, اِقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنَ الْفَقْرِ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

وَقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم ) لَمَّا رَفَعَ الصَّحَابَةُ أَصْوَاتَهُمْ بِالذِّكْرِ

(( أَيُّهَا النَّاسُ اِرْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ, فَإِنَّكُمْ لَا تَدَعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا, إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا, إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ )) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَقَوْلِهِ (( إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ, لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ, فَإِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِهَا; فَافْعَلُوا )) .

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

إِلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُخْبِرُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) عَنْ رَبِّهِ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ; فَإِنَّ الْفِرْقَةَ النَّاجِيَةَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ; كَمَا يُؤْمِنُونَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ; مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ, وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ, بَلْ هُمْ الْوَسَطُ فِي فِرَقِ الْأُمَّةِ, كَمَا أَنَّ الْأُمَّةَ هِيَ الْوَسَطُ فِي الْأُمَمِ

فَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الْجَهْمِيَّةِ وَأَهْلِ التَّمْثِيلِ الْمُشَبِّهَة

وَهُمْ وَسَطٌ فِي بَابِ أَفْعَالِ اللَّهِ بَيْنَ الْجَبْرِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ

وَفِي بَابِ وَعِيدِ اللَّهِ بَيْنَ الْمُرْجِئَةِ والوَعِيدِيَّةِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ

وَفِي بَابِ أَسْمَاءِ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ بَيْنَ الْحَرُورِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَبَيْنَ الْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ

وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ الرَّافِضَةِ وَالْخَوَارِج

فصل

وَقَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ الْإِيمَانُ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَتَوَاتَرَ عَنْ رَسُولِهِ, وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفَ الْأُمَّةِ; مِنْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ, عَلَى عَرْشِهِ, عَلِيٌّ عَلَى خَلْقِهِ, وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا, يَعْلَمُ مَا هُمْ عَامِلُونَ; كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ :(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (الحديد:4)

وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ :(وهو معكم) أَنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِالْخَلْقِ; فَإِنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ, بَلْ الْقَمَرُ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مِنْ أَصْغَرِ مَخْلُوقَاتِهِ, وَهُوَ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ, وَهُوَ مَعَ الْمُسَافِرِ وَغَيْرِ الْمُسَافِرِ أَيْنَمَا كَانَ

وَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ, رَقِيبٌ عَلَى خَلْقِهِ, مُهَيْمِنٌ عَلَيْهِمْ, مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ وَكُلُّ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ -مِنْ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ مَعَنَا- حَقٌّ عَلَى حَقِيقَتِهِ, لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَحْرِيفٍ, وَلَكِنْ يُصَانُ عَنِ الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ; مِثْلُ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ :(فى السماء) ([6]) ؛ أَنَّ السَّمَاءَ تُظِلُّهُ أَوْ تُقِلُّهُ, وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ; فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَهُوَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا, وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ, وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ




فصل

وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ; كَمَا جَمَعَ بَيْنَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ)(البقرة: من الآية186) ، وَقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ )) .

وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَنْ قُرْبِهِ وَمَعِيَّتِهِ لَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ مِنْ عُلُوِّهِ وفَوْقِيَّتِهِ; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي جَمِيعِ نُعُوتِهِ, وَهُوَ عَلِيٌّ فِي دُنُوِّهِ, قَرِيبٌ فِي عُلُوِّهِ

فصل

وَمِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ الْإِيمَانُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، مَنَزَّلٌ, غَيْرُ مَخْلُوقٍ, مِنْهُ بَدَأَ, وَإِلَيْهِ يَعُودُ, وَأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً, وَأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم ) هُوَ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً, لَا كَلَامَ غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ, أَوْ عِبَارَةٌ, بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي الْمَصَاحِفِ; لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً, فَإِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئًا, لَا إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغًا مُؤْدِيًا وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ; حُرُوفُهُ, وَمَعَانِيه, لَيْسَ كَلَامُ اللَّهِ الْحُرُوفَ دُونَ الْمَعَانِي, وَلَا الْمَعَانِي دُونَ الْحُرُوفِ

فصل

وَقَدْ دَخَلَ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِكُتُبِهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ وَبِرُسُلِهِ الْإِيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْسَ بِهَا سَحَابٌ, وَكَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا يُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ يَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَهُمْ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ, ثُمَّ يَرَوْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ; كَمَا يَشَاءُ اللَّهُ تَعَالَى

فصل

وَمِنَ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) مِمَّا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ, فَيُؤْمِنُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ, وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِهِ فَأَمَّا الْفِتْنَةُ; فَإِنَّ النَّاسَ يُمْتَحَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ, فَيُقَالُ لِلرَّجُلِ مَنْ رَبُّكَ? وَمَا دِينُكَ? وَمَنْ نَبِيُّكَ? فَيُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ, فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ رَبِّيَ اللَّهُ, وَالْإِسْلَامُ دِينِي, وَمُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم ) نَبِيِّي وَأَمَّا الْمُرْتَابُ; فَيَقُولُ هَاهْ هَاهْ, لَا أَدْرِي, سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ، فَيُضْرَبُ بِمِرْزَبَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ, فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا كُلُّ شَيْءٍ; إِلَّا الْإِنْسَانُ, وَلَوْ سَمِعَهَا الْإِنْسَانُ; لَصَعِقَ ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْفِتْنَةِ إِمَّا نَعِيمٌ وَإِمَّا عَذَابٌ, إِلَى أَنْ تَقُومَ الْقِيَامَةُ الْكُبْرَى, فَتُعَادُ الْأَرْوَاحُ إِلَى الْأَجْسَادِ

وَتَقُومُ الْقِيَامَةُ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ, وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ, وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ, فَيَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً, وَتَدْنُو مِنْهُمْ الشَّمْسُ, وَيُلْجِمُهُمْ الْعَرَقُ

فَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ, فَتُوزَنُ بِهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ, فمن ثقلت موازينه فألئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فألئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خالدين وتنشر الدواوين وهى صحائف الاعمالفآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله او من وراء ظهره كما قال سبحانه وتعالى : (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً) (الاسراء:13) (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (الاسراء:14)

وَيُحَاسِبُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ, وَيَخْلُو بِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ, فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ; كَمَا وُصِفَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

وَأَمَّا الْكُفَّارُ; فَلَا يُحَاسَبُونَ مُحَاسَبَةَ مَنْ تُوزَنُ حَسَنَاتُهُ وَسِيئَاتُهُ; فَإِنَّهُ لَا حَسَنَاتِ لَهُمْ, وَلَكِنْ تُعَدُّ أَعْمَالُهُمْ, فَتُحْصَى فَيُوقَفُونَ عَلَيْهَا, وُيقَرَّرون بِهَا

وَفِي عَرَصَات الْقِيَامَةِ الْحَوْضُ الْمَوْرُودُ لِلنَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم ) مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ, وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ, آنِيَتُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ, طُولُهُ شَهْرٌ, وَعَرْضُهُ شَهْرٌ, مَنْ يَشْرَبُ مِنْهُ شَرْبَةً; لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا وَالصِّرَاطُ مَنْصُوبٌ عَلَى مَتْنِ جَهَنَّمَ, وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ, يَمُرُّ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ, فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْبَرْقِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادُ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَرُكَّابِ الْإِبِلِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْواً, وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي مَشْيًا, وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْحَفُ زَحْفًا, وَمِنْهُمْ مَنْ يُخْطَفُ خَطْفًا وَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ; فَإِنَّ الْجِسْرَ عَلَيْهِ كَلَالِيبُ تَخْطِفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ فَمَنْ مَرَّ عَلَى الصِّرَاطِ; دَخَلَ الْجَنَّةَ فَإِذَا عَبَرُوا عَلَيْهِ; وَقَفُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ, فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ, فَإِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا; أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ

وَأَوَّلُ مَنْ يَسْتَفْتِحُ بَابَ الْجَنَّةِ مُحَمَّدٌ (صلى الله عليه وسلم ) وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنَ الْأُمَمِ أُمَّتُهُ

وَلَهُ (صلى الله عليه وسلم ) فِي الْقِيَامَةِ ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ أَمَّا الشَّفَاعَةُ الْأُولَى: فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْمَوْقِفِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَتَرَاجَعَ الْأَنْبِيَاءُ آدَمُ, وَنُوحٌ, وَإِبْرَاهِيمُ, وَمُوسَى, وَعِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَنِ الشَّفَاعَةِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهِ

وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّانِيَةُ:

فَيَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَهَاتَانِ الشفاعتان خَاصَّتَانِ لَهُ

وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ الثَّالِثَةُ:

فَيَشْفَعُ فِيمَنْ اِسْتَحَقَّ النَّارَ, وَهَذِهِ الشَّفَاعَةُ لَهُ وَلِسَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ, فَيَشْفَعُ فِيمَنْ اِسْتَحَقَّ النَّارَ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا, وَيُشَفَّعُ فِيمَنْ دَخَلَهَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا

وَيُخْرِجُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَقْوَامًا بِغَيْرِ شَفَاعَةٍ, بَلْ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ, وَيَبْقَى فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ عَمَّنْ دَخَلَهَا مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا, فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا أَقْوَامًا, فَيُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ

وَأَصْنَافُ مَا تَضَمَّنَتْهُ الدَّارُ الْآخِرَةِ مِنَ الْحِسَابِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَتَفَاصِيلِ ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ مِنَ السَّمَاءِ, وَالْآثَارِ مِنَ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ, وَفِي الْعِلْمِ الْمَوْرُوثِ عَنْ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم ) مِنْ ذَلِكَ مَا يَشْفِي وَيَكْفِي, فَمَنْ اِبْتَغَاهُ وَجَدَهُ

وَتُؤْمِنُ الْفِرْقَةُ النَّاجِيَةُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ عَلَى دَرَجَتَيْنِ, كُلُّ دَرَجَةٍ تَتَضَمَّنُ شَيْئَيْنِ

فَالدَّرَجَةُ الْأُولَى : الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلِيمٌ بِالْخَلْقِ وَهُمْ عَامِلُونَ بِعِلْمِهِ الْقَدِيمِ الَّذِي هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ أَزَلاً وَأَبَدًا, وَعِلْمُ جَمِيعِ أَحْوَالِهمْ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ, ثُمَّ كَتَبَ اللَّهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَقَادِيرَ الْخَلْقِ فَأَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ; قَالَ لَهُ اُكْتُبْ قَالَ مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ اُكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَا أَصَابَ الْإِنْسَانُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ, وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ, جَفَّتِ الْأَقْلَامُ, وَطُوِيَتِ الصُّحُفُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج:70)

وقال: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد:22)

وَهَذَا التَّقْدِيرُ التَّابِعُ لِعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ يَكُونُ فِي مَوَاضِعَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً فَقَدْ كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا شَاءَ وَإِذَا خَلَقَ جَسَدَ الْجَنِينِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ; بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكًا, فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ, فَيُقَالُ لَهُ اُكْتُبْ رِزْقَهُ, وَأَجَلَهُ, وَعَمَلَهُ, وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيد وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهَذَا التَّقْدِيرُ قَدْ كَانَ يُنْكِرُهُ غُلَاةُ الْقَدَرِيَّةِ قَدِيمًا, وَمُنْكِرُوهُ الْيَوْمَ قَلِيلٌ

وَأَمَّا الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ; فَهِيَ مَشِيئَةُ اللَّهِ النَّافِذَةُ, وَقُدْرَتُهُ الشَّامِلَةُ, وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ, وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ, وَأَنَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ حَرَكَةٍ وَلَا سُكُونٍ; إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ, لَا يَكُونُ فِي مُلْكِهِ مَا لَا يُرِيدُ,

وَالْعِبَادُ فَاعِلُونَ حَقِيقَةً, وَاللَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِهم وَالْعَبْدُ هُوَ الْمُؤْمِنُ, وَالْكَافِرُ, وَالْبَرُّ, وَالْفَاجِرُ, وَالْمُصَلِّي, وَالصَّائِمُ وَلِلْعِبَادِ قُدْرَةٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ, وَلَهُمْ إِرَادَةٌ, وَاللَّهُ خَالِقُهُمْ وَقُدْرَتِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ; كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

(لمن شاء منكم أن يستقيم)(وما تشاءون الا ان يشاء الله رب العالمين)(التكوير 28و29)

وَهَذِهِ الدَّرَجَةُ مِنَ الْقَدَرِ يُكَذِّبُ بِهَا عَامَّةُ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ, وَيَغْلُو فِيهَا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ, حَتَّى سَلَبُوا الْعَبْدَ قَدْرَتَهُ وَاخْتِيَارَهُ, وَيُخْرِجُونَ عَنْ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ حِكَمَهَا وَمَصَالِحَهَا

فصل

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ الدِّينَ وَالْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ, قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ, وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ وَأَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ, وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يُكَفِّرُونَ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِمُطْلَقِ الْمَعَاصِي وَالْكَبَائِرِ; كَمَا يَفْعَلُهُ الْخَوَارِجُ, بَلْ الْأُخُوَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ ثَابِتَةٌ مَعَ الْمَعَاصِي; كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوف)(البقرة: من الآية178)

وَقَالَ :)وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات:9) )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )(الحجرات: من الآية10)

وَلَا يَسْلُبُونَ الْفَاسِقَ الْمِلِّيَّ الْإِسْلَامَ بِالْكُلِّيَّةِ, وَلَا يُخَلِّدُونَهُ فِي النَّارِ; كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ بَلْ الْفَاسِقُ يَدْخُلُ فِي اِسْمِ الْإِيمَانِ; كَمَا فِي قَوْلِهِ :) فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَة)(النساء: من الآية92) ،

وَقَدْ لَا يَدْخُلُ فِي اِسْمِ الْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ; كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانا)(لأنفال: من الآية2) ،

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم(( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ, وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ, وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ, وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ )) .

وَنَقُولُ : هُوَ مُؤْمِنٌ نَاقِصُ الْإِيمَانِ, أَوْ مُؤْمِنٌ بِإِيمَانِهِ فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ, فَلَا يُعْطَى الِاسْمَ الْمُطْلَقَ, وَلَا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الِاسْمِ

فصل

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ سَلَامَةُ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهمْ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : )وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)

وَطَاعَةُ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم ) فِي قَوْلِهِ (( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهُمْ وَلَا نَصِيفَهُ . )) . وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَيُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ -وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَّةِ- وَقَاتَلَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلَ وَيُقَدِّمُونَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ -وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَر , اِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ

وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ; كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ (صلى الله عليه وسلم ) بَلْ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ, وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعمِائَة وَيَشْهَدُونَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) كَالْعَشَرَةِ, وَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاس, وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ

وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ t وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ, ثُمَّ عُمَرُ وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانَ, وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ رَضِيَ للَّهُ عَنْهُمْ; كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ, وَكَمَا أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ فِي الْبَيْعَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَدِ اِخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَعْدَ اِتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - أَيُّهُمَا أَفْضَلُ? فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ وَسَكَتُوا, وَرَبَّعُوا بِعَلِيٍّ, وَقَدَّمَ قَوْمٌ عَلِيًّا, وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا لَكِنِ اِسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ, ثُمَّ عَلِيٍّ

وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ -مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ- لَيْسَتْ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلْ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ لَكِنَّ الَّتِي يُضْلَّلُ فِيهَا مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ, وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرُ, ثُمَّ عُثْمَانُ, ثُمَّ عَلِيٌّ وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ; فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ

وَيُحِبُّونَ آلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ, وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ (( أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي )) .

وَقَالَ أَيْضاً لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ -وَقَدْ اِشْتَكَى إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ- فَقَالَ (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ; لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ; لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي )) . وَقَالَ (( إِنَّ اللَّهَ اِصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ, وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ, وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا, وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ, وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ )) .

وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ, وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ خُصُوصًا خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أُمَّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ, وَأَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضِدَه عَلَى أَمْرِهِ, وَكَانَ لَهَا مِنْهُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ وَالصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم )(( فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ )) .

وَيَتَبَرَّؤونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَِّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ, وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِب الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الْبَيْتِ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصِّحَابَةِ, وَيَقُولُونَ إِنَّ هَذِهِ الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ, وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنَقَصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ, وَالصَّحِيحُ مِنْهُ هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ, وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصِّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ, بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الذُّنُوبُ فِي الْجُمْلَةِ,

وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ -إِنَّ صَدَرَ-, حَتَّى إِنَّهُمْ يُغْفَرُ لَهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ لِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الْحَسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ

وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) أَنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ, وَأَنَّ الْمُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ; فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ, أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ, أَوْ غُفِرَ لَهُ; بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ, أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم) الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ, أَوْ اُبْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقةِ; فَكَيْفَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ إِنْ أَصَابُوا; فَلَهُمْ أَجْرَانِ, وَإِنْ أخطئوا; فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ, وَالْخَطَأُ مَغْفُورٌ

ثُمَّ إِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْزٌ مَغْفُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ; مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ, وَرَسُولِهِ, وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ, وَالْهِجْرَةِ, وَالنُّصْرَةِ, وَالْعِلْمِ النَّافِعِ, وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ

وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ وَمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ; عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ, لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ, وَأَنَّهُمْ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ

وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ التَّصْدِيقُ بِكَرَامَات الْأَوْلِيَاءِ, وَمَا يُجْرِي اللَّهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ, فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالْمُكَاشَفَاتِ, وَأَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّأْثِيرَاتِ, وَالْمَأْثُورِ عَنْ سَالِفِ الْأُمَمِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَغَيْرِهَا, وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ

وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ فِرَقِ الْأُمَّةِ, وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ

فصل

ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ اِتِّبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) بَاطِنًا وَظَاهِرًا, وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ, وَاتِّبَاعُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم ) حَيْثُ قَالَ (( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا, وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ, وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ; فَإِنْ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )) .

وَيَعْلَمُونَ أَنْ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ, وَخَيْرُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم ) وَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ, وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وسلم ) عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ وَلِهَذَا سُمُّوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَسُمُّوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ; لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الْفُرْقَةُ, وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْجَمَاعَةِ قَدْ صَارَ اِسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ وَالْإِجْمَاعُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ, إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ, وَانْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ ثُمَّ هُمْ مَعَ هَذِهِ الْأُصُولِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ, وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ; عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مَعَ الْأُمَرَاءِ أَبْرَارًا كَانُوا أَوْ فُجَّارًا, وَيُحَافِظُونَ عَلَى الْجَمَاعَاتِ

وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ, وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ, يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ))

وَقَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اِشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ; تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ )) . وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ, وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ, وَالرِّضَى بِمُرِّ الْقَضَاءِ وَيَدْعُونَ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ, وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ, وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ (صلى الله عليه وسلم )(( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا )) وَيَنْدُبُونَ إِلَى أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ, وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ, وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ, وَيَأْمُرُونَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ, وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ, وَحُسْنِ الْجِوَارِ, وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ, وَالرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ, وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ, وَالْبَغْيِ، وَالِاسْتِطَالَة عَلَى الْخَلْقِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ, وَيَأْمُرُونَ بِمَعَالِي الْأَخْلَاقِ, وَيَنْهَوْنَ عَنْ سَفْسَافِهَا

وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ أَوْ يَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ; فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَطَرِيقَتُهمْ هِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا (صلى الله عليه وسلم ) لَكِنْ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً, كُلُّهَا فِي النَّارِ; إِلَّا وَاحِدَةً, وَهِيَ الْجَمَاعَةُ وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (( هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي )) ؛ صَارَ الْمُتَمَسِّكُونَ بِالْإِسْلَامِ الْمَحْضِ الْخَالِصِ عَنِ الشَّوْبِ هُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَفِيهِمْ الصِّدِّيقُونَ, وَالشُّهَدَاءُ, وَالصَّالِحُونَ, وَمِنْهُمْ أَعْلَامُ الْهُدَى, وَمَصَابِيحُ الدُّجَى, أُولُو الْمَنَاقِبِ الْمَأْثُورَةِ, وَالْفَضَائِلِ الْمَذْكُورَةِ, وَفِيهِمْ الْأَبْدَالُ, وَفِيهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ, الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ, وَهُمْ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم )(( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةٌ, لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ, وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ )) .

نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ وَأَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا, وَأَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ

وَاللَّهُ أَعْلَمَ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .


[1] - سورة الأعراف آية : 54.
[2] - سورة طه آية : 5.
[3] - سورة الفرقان آية : 59.
[4] - سورة السجدة آية : 4.
[5] - سورة النساء آية : 87.
[6] - سورة البقرة آية : 144.

باريسي 01-01-2010 01:30PM

نبض القلب أبها
جزاك الله كل خير على هذا الموضوع المبروك في اليوم المبارك
(( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ))
اسأل الله أن أكون أنا وأنتم ووالدينا ومن نحب ممن سيكلمهم الله
واسأل الله أن يدخلنا جناته برحمته
وعلينا أيضا أن نعمل بالأسباب
وهذا الموضوع فيه من الأمور الكثيرة التي تعيننا على ذلك
تحياتي
باريسي

عبدالمجيد الفيصل 01-02-2010 12:19AM

رحم الله ابن تيميه ..

خيتو نبض القلب ابها .. يفترض بنا دائما أن نتوقف ونتفكر ونتمعن بكل ماعلمنا إياه


علماؤنا الصالحين الذين جندهم الله عز وجل للحفاظ على إستمرار التمسك بمبادىء العقيدة

الإسلامية ... و ما جاء في كتاب الله وسنة نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام..

بارك الله فيك .. جزاك الله كل خير .. ودمتِ بحفظ الرحمن ..

ظل الياسمين 01-02-2010 01:39AM

الغاليه والحبيبه لقلبي صاحبة القلم الشامخ كشموخها : نبض القلب ابها
جزاك الله خيرا وكتب الله اجرك مانقلتيه لنا في موازينك ونفعنا بما طرحتيه واعاننا بالعمل على ماذكرتي
انه سميع مجيب

شموخ نجد 01-03-2010 03:22AM

جزاك الله خير
يانبض القلب ابها
على هذاالطرح القيم
وان شاءالله بميزان حسناتك
وفقك الله

الواضح 01-03-2010 01:05PM

الله يجزيك الخير .... كل يوم ان شاء الله اقرأ منه فصل ... لأنه موضوع مهم جدااا وهو موضوع اعتقاد

اهل السنة والجماعة في باب الإيمان .... وخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله دقيقا وهو صخرة في

وجوه اهل البدع والضلال .... وهذا الكتاب شرحه اكثر من عالم وبسطه لطلبة اهل العلم ..

وننصح الجميع بقراءة هذا الكتاب او استماع شروح له ....

جوري 01-30-2010 12:38AM

مازال القلب ينبض
وأن كان القيد الجارح


أحكم قبضته عليه
ومازالت ابها تنبض
بقلبي لحين يوارى
جسمي تحت الثرى


الساعة الآن 11:02PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية