شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   مساحات أدبية (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   ~®§§][][ المـُـــهَرجْ ][][§§®~ (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=12750)

طيب الصيت 02-16-2009 11:23AM

~®§§][][ المـُـــهَرجْ ][][§§®~
 
شارعٌ طويـل جدا ً .. حتى أنك تتعــب من أثـر السير فيه حتى تصل إلـى منتهــاه ، والبــرد القارس يلف الجســد وظاهــر الأنـف

والخــدود ، يجعلك لا تعلـــم من أين يدخــل شتاءُ برليـــنْ عليــك ولكن يجعلـك تتحســر على أيام الخليـــج ، نعــم حرها حرْ وبردهـا برد

ولكن أجمل ما فيها عِمامــة تلتف على وجهــك تكفيك عن سماعات الشتاء الألمــانية ووشاحٌ يلتفُ حـول العنق و ، و ، و ، حتى تظن أنك

محــل ملابس شتوية متنقـــل .

وفي أثنــاء سيــري لمحتْ عينـي إعــلانا ً ، فاقتربتُ منـــه فقرأت ما فيــه

والحمد لله أنه بالإنكليزيــة ، فلو كان بالألمانية ما عرفت قراءته ، ولو كان بالعربيــة لم أتعـب نفسي في قراءتــه ، فنحن العــرب لا

نصدق أي شئ عـربي أو ذا أصـــول عربيــة ، فإن لم يكن أزرق العينين أصفر الخدين أصلعٌ إلا في الجانبين

لا نصدقــه ولا نعتبرُ كــلامه .. ..

ولكن ما تقــول في العــرب غير أنهــــم عرب .. !!

ويقــول ذاك الإعـــلان عن إقامــة سيرك لثلاث أيام في صالـة مغلقــة ، ويبدأ الساعة الفـلانية وينتهي بــ ..... إلخ

فنظرتُ إلـى ساعتي فرأيت أن السيرك هذا لن يبدأ قبل نصف ساعة فتوجهت إلــى محطة الباص و استقليتْ ذاك الباص عائــدا ً من طريق

قطعت فيه شوطا ً كبيــرا ...

ووصلتُ إلى صالة السيرك في اللحظـة المناسبـة فقطعت التذكرة على عجل ودخلـت ، وبدأت العروض ما بين تلك الأســود التي تأتمر

بأمر سيدها فتذكرتُ سؤالا ًطرح مرة أمامي يقـــول

لماذا الشعب الشيشانـي المسلم يفضل الذئب كشعار ؟

والإجابــة العجيبة تقــول ، لم يروضْ الذئب في حياته قط

الله أكبــر

ما أعجبَ بعض الخلق إذا صـاروا يفقهــون ما يفعلـــون ...

إنتهـى عرض الأســود ثم أتــى البشر وخفتهم ، ومن خلفــهم خرج

مهرجٌ

شكله مضحك ، ولكنــه لغرابة ٍ فيــه لم يضحكنــي شكلــه أو ألــوانه أو تصرفاتـه ، مع العلــم أن الذين هم حولـي يكادون أن

يفجروا طبلتيْ أذني من ضحكاتهم الشديدة .

والمهــرج يقوم بالحركات ذات الخفـة ، ويفعل بذاك مقلب وبهذا مقلب وأنا أنظــرُ إليــه بشغف ولكن دون أن ترمش لـي عين لموقف أو

مقلـب ، فكأن المهــرج لاحظنــي فنظر تجاهـي وحاول المسكين جاهدا ً أن يضحكني ، وأنا لم أحرك ساكنا

إلا اللهــم إبتسامــه رسمتهــا مجاملــة ً له ، وبصراحة مكشــوفة تلك الإبتسامــة

المهم إنتهــى عرض المهــرج وانصرف وكان آخر عرض فهممتُ بالخـروج

ولكن لا إلى الخارج بل إلى الداخل

وقد فعلــتْ ......

وصرت أبحث عن مهرجـي ذاك حتى وجــدته ، فلم رآني ضحك وقال

إقترب يا من أتعبني ولم يكلف ذاته بابتسامــه

قلت مفاجأ ً لــه

كيف أبتســم وأنت حـزين ، قلي كيف بالله عليـك ؟

فالتفت بقوة وسرعــة كأنه تفاجأ من قولـي ، ثم رجع إلى مرآتــه صامتا ً

يزيـحُ عن ملامح وجهه الأصباغ والألـــوان ، وأنا بجانبـه صامتٌ لا أتكلـــم

فانقضى وقتٌ لا بالطويـل ولا بالقصيـــر حتى إنتهـى من تنظيف نفســه ولبسَ ما أعجبني من أناقــة بسيطـة وهادئـة جدا ً ، ولو

رآه أحد لما عرف أنه ذاك المهــرج الخفيف الحركـة والظل ...

فمرَّ من جانبي وقال :

قــم ، هيا بنا لنحتسي القهــوة ..

وكأني ولدٌ له أو عاملٌ عنده ، بهدوء قمت واتجهنا إلى شارع آخــر يوجد به مقهــى راقـي جدا ً في بساطــة الفقـراء وخدمـة الأثرياء

فجلسنا نحتسـي القهوة التي أخذت تدفئ أوصالنا من هذا البرد الذي أصبح رائعاً مع القهوة والمكان

فقـال المهرج الأنيــق في لحظــة خمول ٍ منــي

* قلت أني حزين ! فما أدراك ما في وفي نفسي إن كان صدقا ؟

قلت

* سيـدي لقد كانت عيناك حمراوين من أثر الألــوان التي تحيطها ولكـــن كانا واضحان في حزنهــما

وخاصـة هدوء لحظة إسترجاع الأنفاس منك أرى إرتخاء عينك اليمنـى واليسرى تكف عن متابعة من حولك

هي لحظــة نعــم ولكنــها كانت لي بالمرصاد أو كنت لها ..

قال

* يا بني وإن كان ما قلت صحيح ، فمالك والمهرج ؟ أنت لم تأتي لتواسيــه.

قلت

* نعــم صحيح ، ولكــن قلبي ونفسي لم تقبل أن تضحك وأنت حزين ، مع العلــم أني معجبٌ بأسلوبك ورباطة جأشك ، حيث حزنك لم

يغلب ضحكك فرأيتك تُضحك الناس وأنت حزين ..

**

فقهقه مهرجـي ثم قال

* بنُي إن المسألة بسيطة ، مشكلتي في الأطفال ،فعندما أضحكهم هم يضحك ذويهم لضحكاتهم وتنتهــي المسألــة ...

قلت

* و هل الألــوان تساعدك في عملك ؟

قال

* نعــم ، تساعدني كثيرا ..

قلت

* كيف ذلك ؟

قال

* الألــوانُ يا بُني إنما هي الناس ... !!

***

فعجبتُ من قولــه ! متسائـلا ً ، ما دخلُ الألــوان ببني آدم ، فأجابني المهرج وأنا لم أسألــه ...

* لا تطلْ التفكيــر كثيرا ً يا بُني ، سأشرح ما في نفسك من سؤال ، إن

المسألــة هو الألــوان ذاتها ، فهي تمثل بالنسبة لي بني البشر كافـــة

فكانت لي الألــوان تصنيفا ً أصنف به البشر ..

قلت

* كيف .. ؟

قال

* لقد رأيت بعينك أن وجهي كان ممتلئ ً بالألــوان ، أليس كذلك ؟

.. فهززتُ رأسي بالموافقـة ، فابتسم مهرجي وأكمل قائـلا ً

إن لكل لون في وجهي يرمز علـى نوعية من البشر ، فخذ مثـلا ً ، اللون الأحمــر

يرمزُ إلـى العصبيــة والبغض والحقد والدم وكل ما تظنه بشعا

إلا الحبْ ، ولك الأبيض ورمزه المسالم تارة وأخرى هادئ وثالثــة يعلن هزيمتــه من خلالـــه

ولديك الأخضــر فهو رمز الربيـع وفصله ، والجمال وحسنــه ، ولديك اللـون .. و ذاك اللــون ..

ولا تقف عند هذا اللــون ...

****

وكان مهرجـي مستغرقا ً في الألــوان وشروحها من خلال رؤيتــه وأنا بإنصات ٍ دقيق جدا ً وهادئ أتابـع ، وهو ما بين اللون وشرحه

وقهوته مكمــلا ً يقـــول :

وكما ترى لكل لون جانبه الجمالـي وآخر إن صح التعبير إما وحشي أو جبان ، والألــوان تمثل لي بني البشر من خلال طبائعــهم

وسلوكياتهم فكانوا لي بسيطِ الفهــم والمراد ...

فقلت

* وأيُ الألــوان أنت ؟ ، أين تضع نفسك من ألــوانك تلك ؟

قال

* أنا كما ترانـي بني ، اللون الطبيعي لبشرتي كما تراه ، ولكن من حولي لا يعرفونني إلا من خلال تلك الألــوان ...

قلت

* إذن هذا حزنك الذي أهمك ، هو عدم رؤية الناس لِلونك مع العلـم

أنك ترى ألوانهم وتهتم بها ...

قال

* أحسنت ، لقد سبرتَ أغواري وفهمت قولي ، نعم يا بُني إن مصيبتي أن الكل يريدني مهرج ، لا كما تراني في

أناقتي البسيطة وهدوئي في إرتشافي لقهوتي ونقاشي معك ، الكل يريد أن أضحكه ولو على حساب ذاتــي ، فأزعجني ذاك وجعلني في حزن ٍ كلما

وضعت الألـوان ..

قلت

* قد أخطأت في تفكيرك ومنطقك هذا

****

فنظر إليَّ متعجبا ً من قــولي ، وكأنه يقول سأقتله إن كان لم يفهم قولـي

وحتى لا أعطيه الفرصــة ليختار سلاح قتلي .. قلت :

* نعم يا مهرجي ، إن حزنك الذي أنت فيه خطأ ، فلو تتبعت معي قليلا

لقولك السابق لعلمت أنك أفضل حالا ً منهـم

وما ذاك إلا بمعرفتك بأحوال الناس وأفكارهم ، وأيضا ً علمك بالذي يحركهم

من الداخل لضحكه يرسمونها أو دمعة ً يبكونها ....

نعم بنو آدم لا يرون إلا ما يحبون أن يرونه بأعينهم من ألــوان ولو اجتمعت كلها في واحد ، ونعم لا يرون حقيقتك ، ولكن الكل يحب رؤيتك ،

الكل يفكر في إتخاذ طريقتك ، الكل تمنى لو قضى في حياة كحياتك ...

يا مهرجـي الحقيقة يراها من يريدها ، ويعمى عنها من لا يريد معرفة حقيقته ، أتفقه قولــي يا

مهرجي ...

****
قال والذهــول يلفه والإرتيـاح

* كيف غابت عني تلك الحقيقة ؟ أما والله يا بُني قد أرحت نفسي وطيبت خاطــري ..

قلت

* يا مهرجـي إنها الحقيقة ولكن الحزن أعمى بعض بصيرتك النافذة فلم تراها ، ولكنها فيك موجودة وهي من طباعك ولونك الذي به ولدت ،

ولكن

المسألة أني أزحت الألــوان السوداء وأريتك ما هو فيك ..

قال

* جزاك الله خيرا ً بُني ، فقد فرجت عني كثيرا عافاك الله ..

قلت

* أما أنا فأستأذنك بالذهاب إلـى شأني ...

*****

فالتفت أريد الذهاب فقال المهرج

* أسوف أراك في يوم ٍ ما ..؟

قلت

* أنت تراني في ألــوانك كل يوم ..

قال

* على الأقـــل ما اسمك يا بُني ؟

قلت




~®§§][][ المـُـــهَرجْ ][][§§®~

الحظ العنيد 02-20-2009 06:21PM

يعطيك العافيه طيب الصيت
على الموضوع الرائع والمميز
تقبل مروري لك مني كل التحيه


الساعة الآن 11:30AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية