الشاعرالقديرعبدالعزيزالصعب في قراءة في قصيدة (يازمان العجايب) للأمير خالد الفيصل في جريدة الرياض
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



قراءة رائعه في قصيدة (يازمان العجايب) للأمير خالد الفيصل




http://www.alriyadh.com/2009/06/12/i...6441122400.jpg
الأمير خالد الفيصل
قراءة ــ عبدالعزيزالصعب
يظل النص الشعري المميز عالقاً بالذاكرة، ويظل أيضاً يحظى بسماعٍ متزايد
فهو ما تطرب له الأذن وتتلذذ له النفس، والنص الشعري وهو بهذه الروعة نجده يحمل الكثير من المعاني والصور والمفردات الراقية التي لايجيدها إلا شاعرٌ متمكن، يتفرد في عطاءة ويتميز في شاعريته.
شاعرنا اليوم هو من قال:
مخطي اللي يشبه وجنتك بالزهر
الزهر ماله رماحٍٍ تصيب وتصيد
شاعرٌ طالما أغرقنا في لذة النص الشعري وعذوبته، تفرد وتميز عن غيره في صياغة النص الشعري وخصوصاً الوجداني الذي تميز عنده بالروعة والجمال.
الأمير المبدع والشاعر الفنان خالد الفيصل هو من يأخذنا دائماً إلى عالم من الجمال والإبداع الشعري.. فارس الشعر ومدرسة نتعلم فيها..
لدينا اليوم نص عذب وراق من أحد نصوص المبدع الفنان جمع فيه اللوحة والصورة ولونها كيفما أراد أن تظهر، لنتأملها وندقق النظر فيها..
قصيدته (يازمان العجايب) تلك التي أخذت حيزاً كبيراً لدى المتلقي والمتذوق ومازالت حتى الآن في قمة روعتها.. تغنى بها لحناً فنان العرب محمد عبده فأجادها وظل لحنها حتى الآن تطرب له الأذن ..بدأها الشاعر العذب باستهلالٍ قوي فيه ألم ولوم وفيه تساؤل راق بقوله:
وش بقى ماظهر
كل ماقلت هانت جد علمٍ جديد
إن حكينا ندمنا وإن سكتنا قهر
بين قلبٍ عطيب وبين راسٍ عنيد
بيتان في البداية إرتبط كلٍ منهما بالآخر،فالأول فيه توجيه حاد للزمن وصفته بأنه زمن العجايب وهنا يظهر لنا مدى ألم الشاعر عن ما في هذا الزمن من الآه ، ثم يمزج ذلك التوجية للزمن بتساؤل جميل يقول فيه(وش بعد ماظهر) في صورة رائعة تجسدها تلك المفردات القوية، وهو هنا يتساءل هل هناك شيئاً غير تلك العجايب التي أشار إليها في البداية، ثم يقول بأنه كل ماقال بأن تلك العجايب سوف تهون وتتلاشى، فإن هناك شيئاً جديداً سوف يأتي، ويأتي شاعرنا ليقول في البيت الثاني أنه إذا تحدث أو تكلم فإن الندم سيكون مصيره، وبالعكس من ذلك يأتي سكوته قهراً وتعباً وألماً وحزناً وهنا أجد تضاداً في المعنى أضفى على البيت صورة رائعة ومبدعة، ثم يقول أن هذا التضاد يضيع بين قلبٍ عطيب أي متعب ومنهك وبين رأس عنيد والهنا يأتي الهناد الذي يبدأ به الشاعر إيضاح الصورة في شكلٍ جميل.
ولأن الشاعر في هذا النص القوي وهو يخاطب به في البداية الزمان يميل ومن البداية إلى أن يبدأ يوضح صورة الوجد ولكن بطريقة قل ما نجدها عند الشعراء وذلك أتضح لنا من خلال مطلع القصيدة ليأتي في البيت الثالث ليقول:
لو تفيد المدامع كان أسيّل نهر
مير كثر التوجد والدمع مايفيد
أصبر أيام واشهر وأتصبر دهر
وإن حصل لي مناتي جيت لوني بعيد
لو تمعنا في هذه الجزئية الرائعة هنا لوجدنا صورة فريدة حقاً من الوصف والتعبير الدقيق بلغةٍ سهلة وفي نفس الوقت تحتاج إلى وقت للتمعن بها. فالدموع كما يصفها الشاعر لو أنها تُفيد وتنفع كان بإمكانه أن يجعل منها أنهاراً وهنا كناية لشدة دموعه، ولكن تأتي هنا لديه عملية الإحباط في هذا الأمر بقوله ان كثر التوجد والآه والدموع لن تنفع ولن تُفيد على الإطلاق وهنا إحباط واضح يصوره الشاعر في رقة وإحساس. ثم يعود ويقول بأنه يصبر أياماً وأشهراً بل دهر بأكمله، في سبيل حصوله على مايتمناه حتى وإن كان بعيداً عنه وهنا عودة الشاعر إلى نفي عملية الإحباط التي أصابته، هنا أجد تفرداً حقيقياً في صناعة المفردات وإدخالها في عبارات راقية تجبرنا حقيقةً على التمعن والوقوف كثيراً لقراءة أعمق.

ويدعو شاعرنا الله أن يُبعد عنه الهموم والأحزان التي تعلقت به وتعلق بها في قوله:
أرجي الله وأراقب كل طالع شهر
يجلي الهم عني أو عسا مايزيد
هنا رجاء لله بأن يُبعد تلك الهموم التي طغت كثيراً على الشاعر من تلك العجايب ، بل أنه يراقب بكل دقة كل بداية شهر لأجل هذا الغرض الذي أتعبه كثيراً بل يدعو بألايزيد ذلك الهم عليه.
وبعد ذلك نأتي إلى وضوح الصورة التي أراد بها الشاعر جذبنا وتشويقنا حتى نصل إليها وهي الإفصاح هنا عن مابداخله في قوله:
ياغزالٍ فظوح الزين عنه أشتهر
في عيوني ملاك ووسط قلبي وحيد
هنا الوجد الحقيقي والعشق الباذخ في زمن الشعر وصياغته المتفردة لدى دايم السيف فارس الإبداع الشعري .. غزال // فظوح // ملاك مفردات أتى بها الشاعر ليحدثنا عن هيامه وحبه وغرامه ولكن في شكلٍ إبداعي لتوظيف المفردات في النص الشعري، فتلك التي يصفها بالغزال الذي هو أجمل الصفات للفتاة.. فظوح بمعنى جمال باذخ وساحر ورقيق في عيون الشاعر ملاك أعلى رتبة من رتب الوصف للحبيب ووسط قلبه وحيد .. وهنا وفاء لتلك المحبوبه التي لم يسكن قلبه غيرها.

ثم يسترسل ويقول في صورة رائعة وعذبة:
مخطي اللي يشبه وجنتك بالزهر
الزهر ماله رماحٍ تصيب وتصيد
لو جحدت المحبة سقم حالي جهر
مير ماكل قلبٍ ياصل اللي يريد
صورة يرسمها الشاعر الفنان هنا فيقول بأن من يشبه (الوجنة) تلك التي تعتبر من أجمل مافي وجه الفتاه بالورد والزهر الذي هو أجمل شيء بما فيه من رائحة زكية مخطيء وغلطان، وهنا كناية عن جمال الوجنة تلك، وقد يقصد الشاعر هنا لون الخد الذي يفوق لون الزهر وهو الأقرب هنا، ويقول في نفس السياق بأن الزهر ليس له رماح تصيد أو تصيب وهذه حقيقة يوردها شاعرنا هنا في صورة عذبة ورائعة ومتفردة. ثم يختم الشاعر الفذ هذا النص العذب عندما يعود ثانية للتوجد والآه بقوله لو جحد المحبة فإنه سيتعب وسيمرض ولكنه في نفس الوقت يتألم إذا لم يحصل لكل قلبٍ مايريده من حب وغرام. وبعد.. كانت هذه قراءة تشريحية مبسطة لنصٍ راقٍ من إبداع فارس الشعر والمعنى الأمير خالد الفيصل، الذي طالما تشوقنا لقراءته ومتابعته.
وإلى قراءة أخرى ونص آخر.

قراءة ــ عبدالعزيزالصعب
المصدرجريدة الرياض

شكراً لك شموخ لهذا النقل ...
والشكر موصول للصعب عبدالعزيز ..
لهذه الإضاءات .. لقصيدة الأمير المبدع : خالد الفيصل ..
دعواتي للجميع بالتوفيق والسداد ...