شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   القسم العام (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   من يلوم من ؟ (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=15379)

سبيع السبيعي 05-25-2009 05:10AM

من يلوم من ؟
 
ثمة نزعة بشرية أنانية تتمثل لدى البعض في لوم "الآخرين" على اغلبية التجليات السلبية في الحياة الخاصة والعامة في المجتمع العربي التقليدي. وسواء كان هذا العدو المعلب والجاهز, المتخيل اغلبية الوقت, عربياً صرفاً أم غربياً أم إمبريالياً أو وليد اللحظة فأهم من ذلك كله: بالنسبة لبعض الذهنيات العربية لا بد من وجود هدف بشري آخر ومعين ويجب تصويب سهام وصواريخ وقذائف اللوم عليه لما آلت إليه الأحوال والأوضاع الخاصة والعامة! المشكلة في هذا السياقات الذهنية والتاريخية العربية أنها متكررة وفرضية رمزية تستند إلى التكهنات فقط! وبالطبع هذا التوجه السلبي لن يؤدي إطلاقاً إلى العثور على آليات وحلول مناسبة للمشكلات العالقة.
المشكلة الأكبر من ذلك التصور العربي النمطي المتخيل لأدوار متخيلة لأعداء متخيلين ومن ثم إلقاء كل اللوم عليهم لتردي الأوضاع تتركز بالطبع في طريقة استيعاب بعض اولئك الذين يمارسون لوم الآخرين. بدلاً من تحري الدقة و الموضوعية والنظرات العادلة إلى ما أدى إلى الانحدار أو الفشل فالبحث دائماً عن هدف بشري, يفضل أن يكون إفرنجياً, لابد له أن يستحق اللوم والتأنيب والتوبيخ والنقد اللاذع ليس سوى هروب من الواقع الفعلي وتخل واضح عن تحمل المسؤوليات الشخصية والاجتماعية والوطنية. فاللوم المحتقن والشخصاني والأحادي الجانب والذي لا يرتكز على دلائل حقيقية ليس سوى هروب طوعي من مواجهة تحديات ومسؤوليات الحياة اليومية. فإذا لم أستطع كفرد عربي حر ومستقل أن أجد حلولاً لبعض مشكلاتي اليومية, ما علي سوى الاستمرار في البحث عن حلول أخرى أكثر إبداعاً وعبر وسائل تفكير مختلفة عما كنت أستخدمه في السابق!
اللوم المرضي واقتناص أهداف متخيلة ومن دون سبب مقنع والمحاولات الدائمة لتعليق الفشل مهما كان نوعه على أكتاف الآخرين الأبرياء ليس دليلاً على الحكمة أو الاستفادة من تجارب الحياة الإنسانية. هذه الأخيرة أي التجارب الإنسانية المتكررة تشير اغلبية الوقت إلى نجاح الذهنيات المتفتحة والتي تبحث أولاً في جعبتها عن إجابات وافية لأسئلتها وعن آليات ذهنية مختلفة لحل مشكلاتها الشخصية والاجتماعية. الحياة الإنسانية لا تتطلب مزيداً من تضييع الوقت والبحث عن إجابة لذلك السؤال المفبرك: من يلوم من? ولا تستدعي كذلك الحياة الإنسانية القصيرة قضاء كل الوقت في التعبئة لحرب هوجاء تملؤها طواحين الهواء والسيوف الخشبية ولا تحتاج كذلك إلى شحذ كل الطاقات البشرية الكامنة من أجل لوم الآخرين فقط. هي أي الحياة الإنسانية الناجحة والمثمرة سباقة وتطورية وعملية تبتعد من اللوم ويميزها البعد عن الشخصانية الضيقة والدوران في حلقات مفرغة.



بقلم : د. خالد الجنفاوي


الساعة الآن 09:16AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية