شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

إن الذي سمًك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز و أطول .................................. الفرزدق

قالها وخطواته تتثاقل 00 يرفع واحدة ويرخي أخرى ،، شيخ وإن احدودب ظهره إلا أن عينيه كانت تلامس الأفق علوا 00
طال صمته فكثر تأمله فانقشعت له مكامن الغيب إلا أنه لم يدع النبوة !
كلمات قالها والمسير يعيي ، والطريق يسوده فوق السكون والوحشة أخطار تبطش بمن مر من هناك !!
لم تثنه الأنات والهنات عن حمل المتاع ،، استيقظ ذات صباح فوجد حوله بضعة فتيان ،، تأمل المكان فلم يجد أنثى ! كل الحظور ذكور !
أطرق كعادته ،، التفت يمينا وشمالا ، كان يعلم حينها أنها التفاتة الباحث عن إجابات لأسئلة متضادة تمسك بعنان فكره فتجعله حيرانا !
- من أنتم ؟
- نحن قدرك المحتوم ، فهلا رحبت بنا !؟
- لم أعتد غيرها مذ عرفت الدنا !
- فليكن لنا منها نصيب إذن
- هي لكم ولكن بشروط !!
لم يكن حينها يعلم شرطا واحدا ، لكن علمته تجاعيد السنين أن يطرق قبل أن يعطي مخلوقا وعدا ، تلك فلسفته في الحياة وذلك ما علمته إياه 0
أخذوا يتهاوون كفراش أقدم على نار ، بعضهم فضولا وبعضهم تعبا ، والبعض الآخر أملا
- ياشيخ أمطر علينا من سحائب علمك قطرة !
- سيحوا في الأصقاع فرادى فرادى ! وليكن موعدكم بعد سنة عند التلة الحمراء !- نخشى أن نرجع فلا نجد لك أثرا !
- ستجدوني حيا وإن مت !!
ساد الصمت المكان فلم يسمع إلا لأعاصير الذهن وهي تهب فتلقي بفكر ذلك يمينا وتشمل بالآخر !
لم يكن لهم خيار سوى الذهاب حيث حطت أقدارهم وحيث وجههم ذلك الشيخ !!
تبادل الجميع النظرات فأحسوا بحنين لم يكن موجودا حينما جمعتهم الأقدار ! فهم وإن كانوا يقطنون ذات الوادي إلا أن قلوبهم شتى !
أمسك الشيخ بعصاه ، وقف في ثتثاقل ، انتظر حتى استقامة حدبة ظهرة !!
نظر إليهم الواحد فالآخر وعينيه تحكي أشياء وأشياء ،، ثم أدبر ، هناك حيث الشمس وأخذ يومئ إيماءة غريبة وكأنه يريد أن يقول لهم شيئا !!
حمل كل منهم قليل متاعه فغرب واحد وشرق ثان وأجنب ثالث وأصغرهم أشمل !
ساد السكون المكان فزاد الليل أثقاله على صدر ذاك الشيخ ، وأخذ يسأل نفسه :
هل سيعودون في العام القادم !؟
كان بين شوق لمجهول وخوف من مستقبل ..حتى التحف يده وأطلق للنوم العنان ، ومع إشراقة الصباح استيقظ كل شيء إلا هو !
بعد عام ،،،
كل الجهات امتلأت ، فقد أقبل الأربعة ، كانت حرارة اللقاء تكاد تحرق أطرافا من الوادي ، إنها الطبيعة القاسية !
انتظروا قدوم الشيخ حتى المساء ، أعيتهم الحيلة :
- هل خدعنا الشيخ ، أحدهم يستفهم !؟
- بل كبره أبطأ به ، جواب آخر !؟
- هل تحدث السام فقطع بقوله كل قول ، آخر يرد !!
في خضم كل ذلك الجدل والأخذ والرد تجلّت حكمة ( أصغرهم ) كان يتأملهم ويتأمل ضوضاءهم التي تجلب مع ما طرحوا من أسئلة أسئلة أخرى لأسئلتهم !!!
سار نحوهم وبدأ يتمتم ،، التفت إليه الجميع وأنصتوا
كان يقرأ وجوههم وما عملته تلك الرحلات نحو ما ذهبوا 00 كان يعلم جيدا أن الشيخ أراد لهم وبهم خيرا 00 وكان يعلم أن الموت أقرب ولكن الأمل يحدو الجميع
قطع أفكاره بصرخة أيقظت قلوبهم :
ألا تتأملون من حولكم !؟
لقد جبتم شمال الأرض وجنوبها وما أثر ذلك فيكم !؟
- لم يخدع الشيخ ولم يخلف وعده فكل الأحجار هاهنا تنطق ، ألا تسمعون معي صداه لا زال يعم المكان !؟
نعم ،، كان الشيخ يهمس جهرا ويصرخ همسا تقربا وخيفة !!
أرسلكم وكنتم متفرقين ، وأراد بكم أن تكونوا حلقة في قطار الأجيال فكونوا كما أراد !

لقد كان يخاطب فيهم يقظة الوعي وصحوة الضمير ويزرع فيهم معنى الاتحاد والتسامي وقد حصل وإن قل !!
- هل مات وقد وعدنا بالبقاء حيا !؟ أحدهم يسأل 0
ردت عليه أنفاس دافئة بل هو حي داخل كل من عرف أن العفو من شيم النبلاء !
كانت تلك الكلمات آخر عهد الأنفاس بالآذان والقلوب ولا زالت تترد من جيل إلى جيل
..
!