رخصة لقيادة كلب !!
 

يحكى أن الشاعر علي بن الجهم أراد مدح الخليفة المتوكل قبل أن يخرج من بيئته التي اعتاد عليها وهي البيئة الصحراوية المحدودة فأنشد بين يديه مادحاً:
أنت كالكلب في حفاظك الود ** وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمناك دلواً ** من كبار الدلاء كثير الذنوب
علي بن الجهم وصف خليفة المسلمين بـ"الكلب" لأن خياله محدود، ولم يعرف عن الكلب إلا كل خير، كما أنه شبه خليفة الإسلام والمسلمين بـ"الدلو"، هذا هو عالم علي بن الجهم الشعري، قبل أن يذهب به الخليفة إلى نهر دجلة، ويخرج عن قوقعته لينظم بعدها أجمل الشعر وألطفه "عيون المها بين الرصافة والجسر"، مع أننا لا ندري على نحو أكيد هل غيّر علي بن الجهم رأيه في حفاظ الكلب للود أم لا بعد أن شاهد عيون المها؟ الأكيد أنه لو بعث في زماننا هذا لرأى من أخبار الكلاب ما يطربه.
وإذا كان الناس ورثوا عن المتوكل بغض الكلاب ورميها بالحجارة والنعال، فإن الغرب أخذ بكلام علي بن الجهم وعرف أن الكلب يحفظ الود، وحقوق الكلاب في الغرب يتمناها الناس في دولهم النامية، وكلما كتبت الصحف العربية خبراً عن حقوق الكلاب تهافت الناس كالملدوغين يبحثون عن سبب كل هذا الولع الغربي بالكلب، بينما يحتاجون هم إلى عدة أشهر للحصول على تأشيرة لبعض الدول الغربية، ويتعرضون للتفتيش والتنقيب على كافة منافذ الجسد ومن وقع في الفخ فلا يلومنّ إلا نفسه.
بينما في قرية من القرى شمال الرياض قبل ثلاثين سنة تآمر سكانها على وضع سم داخل بقايا أكل من أجل الإطاحة بالكلاب التي لا يطيقونها. ولو علمت جمعيات حقوق الحيوان لأصبحوا من المطلوبين للجنائية الدولية بتهمة إبادات جماعية يعني بنفس التهمة الموجهة للرئيس عمر البشير.
جاءنا من النمسا ما يلي: يسعى عدد من سكان العاصمة النمساوية فيينا، للحصول على رخصة من نوع جديد، أطلقت عليها السلطات المحلية "رخصة قيادة كلب"، تمنح حاملها ترخيصا حكوميا يعود عليه بكثير من المنافع، أولها إعفاؤه من الضريبة السنوية المفروضة على من لديه كلب يعيش معه والبالغة 43.60 يورو، في حين لا تزيد رسوم التسجيل لإجراء امتحان لنيل الرخصة على 25 يورو، تدفع بعد اجتياز الامتحان بنجاح. ينقسم الامتحان إلى شق عملي وآخر شفوي، بالإضافة إلى ثالث تحريري. ويتم بإشراف هيئة مراقبة تتكون من أطباء بيطريين واختصاصيين نفسيين، بالإضافة إلى مرشدين ويعيش في فيينا حوالي 150 ألف كلب.
قال أبو عبد الله غفر الله له: ولا أدري هل ترجم الغربيون بيت "علي بن الجهم" قبل أن يترجموا "ابن رشد" وهل أصابهم غزونا الفكري في مقتل، فانطلت خدعة علي بن الجهم عليهم، مع أنهم أهل الحضارة والنضارة، فباتوا يحبون الكلاب ويفضلونها على بعض من لبس العباءة والثياب وبات إخراج تأشيرة لكلب مرخص أسهل من سفر الإنسان العربي المرصص.


بقلم : تركي الدخيل


التعليق : مو حلو كاتب مثل تركي الدخيل يسوي دعايه علشان نقتني كلب عزكم الله