شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   خــلوة الــبــوح (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=74)
-   -   مدونتي - ياليت تثبت مع وافر تقديري (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=26485)

خذ العلم مني 01-13-2011 04:38PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته :


( 8 )

تكملة شرح معلــّـقة امرىء القيس

( 28 ) خرجتُ بها أمشي تجرّ ُوراءَنا ... على أثــَرينا ذيل مرط مُرحـّل


خرجتُ بها أفادتِ الباء تعدّي الفعل ، والمعنى : أخرجتـُها من خدرها . الأثـَرُ والإثر واحد ، وأمّـا
الأثر ، بفتح الهمزة وسكون الثـّـاء : فهو فرندُ السّـيف ، ويروى : على إثرنا أذيال ، والذيــلُ
يُجمعُ على الأذيال والذيول . المرط عند العرب : كساء من خزّ أو مرعـِزيّ أو من صوف ، وقـد
تسمّى الملاءة مرطاً أيضاً ، والجمعُ المروط . المرحّل : المنقــّـش بنقوش تشبهُ رحال الإبل
يُقال : ثوب مرحّل ، وفي هذا الثـّوب ترحيل .

يقول : فأخرجتـُها من خدرها وهي تمشي وتجرّ مرطها على أثرنا لتـُعـفـّي به آثار أقدامنا
والمرط كان موشــّى بأمثال الرّحال ، ويروى : نير مرط ، والنــّـير : عـَـلمُ الثــّـوب .

( 29 ) فـلمـّـا أجزنا ساحَة الحيّ وانتحى ... بنا بطنُ خـَبت ذي حـقاف عـقـنقـل


يُقال : أجزتُ المكان وجزتهُ إذا قطعتهُ إجازة وجوازاً . السّـاحة تـُجمعُ على السّـاحات والسّـاح
والسّـوح مثل قارَة وقارات وقار وقور ، والقارة ُ : الجُبيل الصّغير . الحيّ : القبيلة ، والجمعُ
الأحياء ، وقد تـُسمّى الحلـّـة حيّـاً . الانتحاء والتـّنحّي والنـّحو : الاعتمادُ على الشـّيء ، ذكرهُ
ابن الأعرابي . البطن : مكان مطمئن حولهُ أماكن مرتفعة ، والجمعُ أبطن وبطون وبُطنان .
الخبتُ : أرض مطمئنـّة . الحقف : رمل مشرف معوجّ ، والجمعُ أحقاف وحقاف ، ويروى :
ذي قفاف ، وهي جمعُ قـفّ ، وهو ما غلـُظ وارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا ً. العقنقل :
الرّمل المنعقد المتلبّدُ ، وأصلهُ من العقل وهو الشـّدّ ، وزعم أبو عبيدة وأكثر الكوفيـّين أنّ الواو
في وانتحى مقحمة زائدة وهو عندهم جواب لمـّـا ، وكذلك قولهم في الواو في قوله تعالى :
( وناديناهُ أن يا إبراهيم ) الصّـافات - 104 - والواو لاتـُقحم زائدة في جواب لمّـا عند البصريّين
والجواب يكون محذوفاً في مثل هذا الموضع تقديرهُ في البيت : فلمّـا كان كذا وكذا تنعّمتُ وتمتعتُ
بها ، أو الجواب قولـُهُ : هصرت ، وفي الآية فازا وظفرا بما أحبّـا ، وحذفُ جواب لمـّـا كثير في
التنزيل ، وكلام العرب .

يقول : فلمّا جاوزنا ساحة الحلــّة وخرجنا من بين البيوت وصـِرنا إلى أرض مطمئنــّة بين حقاف
يريدُ مكاناً مطمئنـّـاً أحاطت به حقاف أو قفاف منعقدة ، والعقنقل من صفة الخبت لذلك لم يؤنــّثهُ ،
ومنهم من جعلهُ من صفة الحقاف وأحلـّه محلّ الأسماء وعطــّـله من علامة التأنيث لذلكَ . وقولهُ :
وانتحى بنا بطن خبت ، أسند الفعل إلى بطن خبت ، والفعل عند التحقيق لهما ولكنهُ ضرب من
الاتساع في الكلام ، والمعنى صرنا إلى مثل هذا المكان ، وتلخيص المعنى :
فلمّا خرجنا من مجمع بيوت القبيلة وصرنا إلى مثل هذا الموضع طاب حالـُنا وراق عيشـُـنا .

--------------

يتبع إن شاء الله تعالى

تحيــّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:39PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه :


( 9 )

تكملة شرح معلقة امرىء القيس

( 30 ) هصرتُ بفودَي رأسها فتمايلت ... عليّ هضيمَ الكشح ريَّـا المـُخـَـلـخَـلِ


الهصرُ : الجذب ، والفعل هصر يهصر . الفودان : جانبا الرّأس . تمايلت أي مالت . ويُروى : بغصني
دومة ، والدّوم : شجر المُـقل ، واحدتها دومة ، شبّهها بشجرةِ الدّوم وشبّه ذؤابتيها بغصنين وجعل ما
نال منها كالثمر الذي يُجتنى من الشجر ، ويُروى : ( إذا قلت : هاتي ناولينى تمايلت ) ، والنول والإنالة
والتنويل : الإعطاء ، ومنهُ قيل للعطيّة : نوال . هضيم الكشح : ضامر الكشح ، والكشح : منقطع الأضلاع
والجمع كشوح ، وأصل الهضم الكسر ، والفعل هضم يهضمُ ، وإنما قيل لضامر البطن : هضيم الكشح لأنهُ
يدقّ بذلك الموضع من جسده فكأنهُ هضيم عن قرار الرّدف والجنبين والوركين . ريّـا : تأنيث الرّيّـان .
المخلخل : موضع الخلخال من السّـاق ، والمسوّر : موضع السوار من الذراع ، والمقلد : موضع القلادة من
العنق ، والمقرّط : موضع القرط من الأذن . عبّر عن كثرة لحم الساقين وامتلائهما بالرّي. هصرت جواب
لمّـا من البيت الأوّل عند البصريين ، وأما الرواية الثالثة وهي إذا قلت فإن الجواب مضمر محذوف على
تلك الرّواية على ما مرّ ذكره في البيت الذي قبله .

يقول : لما خرجنا من الحلة وأمنـّـا الرّقباء جذبتُ ذؤابتيها إليّ فطاوعتني فيما رُمتُ
منها ومالت عليّ مسعفة بطلبتي في حال ضمر كشحيها وامتلاء ساقيها باللحم ، والتفسير على الرّواية الثالثة :
إذا طلبتُ منها ما أحببت ، وقلتُ أعطيني سؤلي كان ما ذكرنا . ونصب هضيم الكشح على الحال
ولم يقل هضيمة الكشح لأنّ فعيلا ًإذا كان بمعنى مفعول لم تلحقه علامة التأنيث للفصل بين فعيل
إذا كان بمعنى الفاعل وبين فعيل إذا كان المفعول ، ومنه قوله تعالى : ( إنّ رحمة الله قريب من المحسنين )الأعراف - 56 - .

( 31 ) مـهـفـهـفـة بيـضاء غيرُ مُـفـاضـةٍ ... ترائبـُـها مـصقــُـولةُ ُ كالسَّـجَـنـجل

المُهفهفة : اللطيفةُ الخصر الضّامرة البطن . المُفاضة : المرأة العظيمة البطن المُسترخية اللحم .
الترائب : جمعُ التريبة : وهي موضع القلادة من الصّدر . السقل والصقل ، بالسين والصاد : إزالة الصدأ
والدنس وغيرهما ، والفعل منه سقل يسقل وصقل يصقل ، السجنجل : المرآة ، لغة روميّة عرّبتها العرب
وقيل : بل هو قطع الذهب والفضة .

يقول : هي امرأة دقيقة الخصر ضامرة البطن ولا مسترخية ، وصدرها برّاق اللون متلألىء الصفاء كتلألؤ المرآة .

( 32 ) كبكر المُـقاناة البياض بصُـفرة ... غذاها نميرُ الماء غيرُ المُـحلــّـل

البكر من كلّ صنف : ما لم يسبقـُـهُ مثلهُ . المُـقاناة : الخلط ، يُـقال : قانيتُ بين الشيئين إذا خلطت أحدهما بالآخر
والمـُقاناة في البيت مصوغة للمفعول دون المصدر . النـّمير : الماء النامي في الجسدِ . المحلل : ذكر أنه من
الحلول وذكر أنه من الحلّ ، ثمّ إنّ للأئمـّة في تفسير البيت ثلاثة أقوال : أحدها أنّ المعنى كبكر البيض التي قونيَ بياضها
بصفرة ٍيعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صُفرة يسيرة ، شبّه لون العشيقة بلون بيض النعام في أنّ في
كلّ منهما بياضاً خالطته صُفرة ، ثمّ رجع إلى صفتها فقال : غذاها ماء نمير عذب لم يكثر حلول الناس عليه
فيكدّرهُ ذلك ، يريد أنه عذب صاف ، وإنما شرط هذا لأن الماء من أكثر الأشياء تأثيراً في الغذاء لفرط الحاجة


إليه فإذا عذب وصفا حسُن موقعه في غذاء شاربه
، وتلخيص المعنى
على هذا القول : إنها بيضاء تشوب بياضها صفرة وقد غذاها ماء نمير عذب صاف ، والبياض الذي شابته
صفرة أحسن ألوان النساء عند العربِ .

والثاني : أنّ المعنى كبكر الصدفة التي خولط بياضها بصُفرة ، وأراد ببكرها درتها التي لم ير مثلها ، ثمّ قال :
قد غذا هذه الدّرّة ماء نمير وهي غيرُ محللة لمت رامها لأنها في قعر البحر لا تصل إليها الأيدي ، وتلخيصُ
المعنى على هذا القول : إنه شبّهها في صفاء اللون ونقائهِ بدرّة فريدة تضمنتها صدفة بيضاء شابت بياضها
صُفرة وكذلك لونُ الصّـدفة ، ثمّ ذكرَ أنّ الدّرّة التي أشبهتها حصلت في ماء نمير لا تصلُ إليها أيدي طلابها
وأنما شرط النمير والدّرّ لا يكون إلا في الماء الملح لأنّ الملح له بمنزلة العذب لنا إذ صار سبب نمائه كما
صار العذب سبب نمائنا .

والثالث : أنهُ أراد كبكر البرديّ التي شاب بياضها صـُفرة وقد غذا البرديّ ماء نمير لم يكثر حلول الناس
عليه ، وشرط ذلك ليسلم الماء عن الكدر وإذا كان كذلك لم يُغيـّر لون البرديّ ، والتشبيه من حيث أنّ بياض
العشيقة خالطتهُ صُـفرة كما خالطت بياض البرديّ ويُروى البيت بنصب البياض وخفضه ، وهما جيّدان
بمنزلة قولهم :
زيد الحسنُ الوجهِ ، والحسنُ الوجهَ ، بالخفض على الإضافة والنصب على التشبيه كقولهم : زيد الضاربُ الرّجلَ .

يتبع إن شاء اللهُ تعالى

تحيــّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:40PM

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل =بسقط اللوى بين الدّخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم تعف رسمها = لما نسجتها من جنوب وشمأل
ترى بعر الأرآم في عرصاتها = وقيعـانـها كـأنه حـبّ فـلـفــــــل
كأني غداة البين يوم تحمّلوا = لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل
وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم= يقولون : لا تهلك أسًى وتجمّل
وإنّ شفائي عبرةً مهراقة = فهل عند رسم دارس من معوّل ؟
كدأبك من أمّ الحويرث قبلها = وجارتها أمّ الرّبــــــاب بمأسل
إذا قامتا تضوّع المسك منهما = نسيم الصّبا جاءت بريّا القرنفل
ففاضت دموع العين منّي صبابة = على النّحر حتى بلّ دمعي محملي
ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح =ولا سيّما يـــوم بدارة جلجـــل
ويوم عقرت للعذارى مطيّتي = فيا عجباً من كورها المتحمّل
فظلّ العذارى يرتمين بلحمها = وشحم كهدّاب الدّمقس المفتــّل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة = فقالت : لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معاً : = عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها : سيري وأرخي زمامه = ولا تبعديني من جناك المعلــّـل
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع= فألهـيـتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له= بشقّ وتحتي شقّها لم يحوّل
ويوماً على ظهر الكثيب تعذرت = عليّ وآلت حلفة لم تحلـّـل
ويوماً على ظهر الكثيب تعذرت = عليّ وآلت حلفة لم تحلـّـل
أغرًك منّي أنّ حبّك قاتلي = وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وإن تك قد ساءتك منـّي خليقة = فسُـلــّي ثيابي من ثيابك تنسُل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي = بسهميك في أعشار قلب مقـتــّـل
وبـيـضة خدر لا يرام خباؤها= تمتــّعتُ من لهو بها غير مـُعـجـِلِ
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً = عليّ حـِراصاً لو يـُسـرّون مقتلي
إذا ما الثــّريـّـا في السّـماء تعرّضت = تـَـعـــرّضَ أثــناء الوشـــاح المفصّـل
فجئت وقد نضـّت لنوم ثيابها = لدى السّـتر إلاّ لبسة المتفضـّـل
فقالت : يمين الله ما لك حيلة =وما أن أرى عنك الغواية تنجــــــــــلي
خرجتُ بها أمشي تجرّ ُوراءَنا = على أثــَرينا ذيل مرط مُرحـّل
فـلمـّـا أجزنا ساحَة الحيّ وانتحى = بنا بطنُ خـَبت ذي حـقاف عـقـنقـل
هصرتُ بفودَي رأسها فتمايلت = عليّ هضيمَ الكشح ريَّـا المـُخـَـلـخَـلِ
مـهـفـهـفـة بيـضاء غيرُ مُـفـاضـةٍ = ترائبـُـها مـصقــُـولةُ ُ كالسَّـجَـنـجل
كبكر المُـقاناة البياض بصُـفرة = غذاها نميرُ الماء غيرُ المُـحلــّـل


العَرْصَة: هي البقعة الواسعة من الأرض ليس بها بناء وتجمَع على: عِراص، وعَرَصات، وأعراص.

-- العرصات...اهوال يوم القيامه..من صراط وحوض وحشر وعرق وحساب والميزان

خذ العلم مني 01-13-2011 04:41PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتـــه :

( 10 )

تكملة شرح معلــّـقة امرىء القيس

( 33 ) تصدّ وتـُبدي عن أسيلٍ وتتـّـقي ... بناظرةٍ من وحش وجرة مُـطفـِـل

الصّـدُّ والصّـدودُ : الإعراض ، والصّـدّ أيضاً الصّرفُ والدّفعُ ، والفعلُ منهُ صدّ يصُدّ ، والإصداد :
الصّرفُ أيضاً . الإبداء : الإظهار . الأسالة ُ : امتداد وطول في الخدّ ، وقد أسـِـلَ أسالة فهو أسيل .
الاتـّقاء : الحجزُ بين الشـّيئين ، يُقالُ : اتـّقيتهُ بترس أي جعلتُ الترس حاجزاً بيني وبينهُ .
وجرة ُ : موضع . المُطفل : التي لها طفل . الوحش : جمعُ وحشيّ مثل زنج وزنجيّ وروم وروميّ .


يقول : تـُعرضُ العشيقة عني وتـُظهرُ خداً أسيلا ً، وتجعلُ بيني وبينها عيناً ناظرة من نواظر وحش
هذا الموضع التي لها أطفال ، شبّهها في حُسن عينيها بظبيةٍ مُطفل أو بمهاةٍ مُطفلةٍ ، وتلخيصُ المعنى :
إنها تـُعرضُ عنا فتـُظهرُ في إعراضِها خداً أسيلا ًوتستقبلنا بعين مثل عيون ظباء وجرة أو مهاها اللواتي
لهنّ أطفال ، وخصّهنّ لنظرهِـنّ إلى أولادهنّ بالعطفِ والشفقةِ وهي أحسنُ عيوناً في تلكَ الحال منهنّ في
سائر الأحوال ، قولهُ : عن أسيل ، أي عن خدّ أسيل ، فحذفَ الموصوف لدلالةِ الصّفةِ عليهِ كقولكَ :
مررتُ بعاقل ، أي بإنسان عاقل ، وقولهُ : من وحش وجرة ، أي من نواظر وحش وجرة ، فحذفَ
المُضاف وأقامَ المضاف إليهِ مقامهُ كقولهِ تعالى : ( وسئل القرية ) يوسف - 82 - أي أهل القرية .


( 34 ) وجيدٍ كجيدِ الرّئـم ليسَ بفاحش ... إذا هـيَ نـصّـتـــــهُ ولا بـمُـعـطـّـل

الرّئـم : الظبي الأبيض الخالصُ البياض ، والجمعُ آرام . النـّصّ : الرّفعُ ، ومنهُ سُمّي ما تـُجلى عليهِ
العَروسُ مِنصّة ، ومنهُ النـّصّ في السّير وهو حملُ البعير على سير شديد ، ونـَصَـصتُ الحديث أنـُصّـُــهُ
نصّـاً : رفعتـُهُ . الفاحش : ما جاوَزَ القدرَ المحمود من كلّ شيء .


يقولُ : وتـُبدي عن عُنـُق كعُنـُق الظـّبي غير متجاوز قدرهُ المحمود إذا ما رفعت عُنـُقها ، وهُو غير
مُعطـّل عن الحَـلي ، فشبّهَ عُنـُقها بعُنـُق الظـّبيةِ في حال رفعها عُنـُقها ، ثمّ ذكرَ أنـّهُ لا يُشبهُ عنقَ الظبي
في التـّعطـّل عن الحلي
.

( 35 ) وفرع يَـزينُ المتنَ أسوَدَ فاحِـم ... أثيـثٍ كـقـنــو النـّخلةِ المتعـثـكل

الفرعُ : الشـّعرُ التـّام ، والجمعُ فـُروع ، ورجل أفرع وامرأة فرعاء . الفاحم : الشـّديد السّواد مشتق
من الفحم ، يقالُ : هو فاحم بيّن الفـُحُـومةِ . الأثيث : الكثير ، والأثاثة : الكثرة ، يُقال : أثّ ُالشعر
والنـّبت . القنو يُجمعُ على الأقناء والقنوان . العـثـكول والعـثـكال قد يكونان بمعنى القنو وقد يكونان بمعنى
قطعة من القنو ، والنخلة المتـعـثـكلة : التي خرجت عثاكيلها أي قنوانها .


يقولُ : وتـّبدي عن شعر طويل تامّ يَزينُ ظهرها إذا أرسلتهُ عليهِ ، ثمّ شبّهَ ذؤابتيها بقنو نخلةٍ أخرجت
قنوانها ، والذوائب تـُشبّهُ بالعناقيد ، والقنوان يُرادُ بهِ تجعّدها وأثاثتها .


( 36 ) غدائرُهُ مستشزراتُ ُإلى العُـلا ... تضلّ العِـقاصُ في مُثـنـَّى ومُرسل

الغدائر جمعُ الغديرة : وهيَ الخصلة من الشعر ، الاستشزار : الارتفاع والرّفع جميعاً فيكون الفعلُ
منهُ مرّة لازماً ومرّة مُتعدّياً ، فمن روى مستشزراتبكسر الزّاي جعلهُ من اللازم ، ومن روى بفتح
الزّاي جعلهُ من المتعدّي . العَـقيصة : الخصلة المجموعة من الشعر ، والجمعُ عُـقـُص وعَـقائص .
والفعلُ من الضلال والضلالة ضلّ يَـضِــلّ .


يقولُ : ذوائبها وغدائرها مرفوعات أو مرتفعات إلى فوق ، يُرادُ بهِ شدّها على الرّأس بخـُيوط ، ثمّ
قال : تغيبُ تعاقيصُها في شعر بعضُهُ مثنيّ وبعضهُ مُرسل ، أرادَ بهِ وُفـُور شعرها . والتعـقيص : التجعيد .


يتبعُ إن شاءَ اللهُ تعالى

تحيــّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:41PM

( 11 )

تكملة شرح مُعلـَّقة امرىء القيس

( 37 ) وكشح لطيفٍ كالجديل مُخصَّر ... وسَاق كأنبوب السَّقيِّ المُذلـَّـل

الجديل : خطام يُتخذ من الأدم ، والجمع جُدُل . المُخصَّر : الدَّقيق الوَسط ، ومنهُ نعل مُخصَّرة . الأنبوب :
ما بين العُقدتين من القصب وغيرهِ ، والجمع الأنابيب . السَّقِيِّ ها هُنا : بمعنى المسقي كالجريح بمعنى المجروح .


يقول : وتبدي عن كشح ضامر يحكي في دقتهِ خطاماً مُتخذاً من الأدم ، وعن ساق يحكي في صفاء لونه أنابيب
بَرديِّ بين نخل قد ذلـِّـلت بكثرةِ الحمل فأظلـَّت أغصانها هذا البَرديِّ ، شبَّهَ ضمُور بطنها بمثل هذا الخطام ، وشبَّهَ
صفاء لون ساقها ببرديِّ بين نخيل تـّظِلـّـُهُ أغصانها ، وإنما شرط ذلِكَ ليكون أصفى لوناً وأنقى رونقاً ، وتقديـر
قوله : كأنبوب السَّقيّ كأنبوب النخل السَّقيِّ ، ومنهم من جعل السقيِّ نعتاً للبرديّ أيضاً ، والمعنى على هذا القول :
كأنبوب البرديّ المسقي المُذلـَّـل بالإرواءِ .


( 38 ) وَتـُضْحِي فتِيتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا ... نؤومُ الضّحَى لمْ تنـْتطِقْ عَنْ تفضّـُل

الإضحاء : مُصادفة الضّحى ، وقد يكون بمعنى الصَّيرُورَةِ أيضاً ، يُقال : أضْحَى زيْد غنِيّـاً أي صَارَ ، ولا يُرادُ
بهِ أنهُ صادَفَ الضّحَى على صِفةِ الغِنى ، ومنهُ قولُ عَدِيّ بن زيد :


ثمَّ أضْحَوا كأنـَّهُم ورقُ ُجفَّ ... فألوَتْ بهِ الصِّبا والدَّبور

أي صاروا . الفتِيت والفـُتات : اسم لِدُقاق الشيء الحاصِل بالفتِّ . قولهُ : نؤوم الضّحى ، عطـَّل نؤوماً عن علامة التأنيث لأنَّ فعولا ًإذا كان بمعنى الفاعل يستوي لفظ صِفة المذكـَّر والمُؤنـَّث فيهِ ، يُقالُ : رجل ظلوم وامرأة ظلوم ، ومنهُ قولهُ تعالى : ( توبة نصوحاً ) التحريم - 8 - . قولهُ : لم تنتطِق عن تفضّل أي بعد تفضّل ، كما يُقال : استغنى فلان عن فقرهِ أي بعد فقرهِ ، والتفضّل : لبس الفضلة ، وهي ثوب واحد يُلبسُ للخفة في العمل .

يقول : تـُصادِفُ العشيقة الضّحى ودِقاق المسك فوق فراشها الذي باتت عليه ، وهي كثيرة النوم في وقت الضحى
ولا تشدّ وسطها بنطاق بعد لبسها ثوب المهنة يريد أنها مخدومة منعَّمة تـُخدَم ، ولا تـَخدُمُ ، وتلخيص المعنى :
أنَّ فتات المسك يكثر على فراشها ، وأنها تـُكفى أمورها فلا تـُباشر عملا ًبنفسِها . وصفها بالدِّعةِ والنعمة وخفض العيش ، وأنَّّ لها من يخدمها ويكفيها أمورها .


( 39 ) وَتـَعْطـُو بـِرَخـْصٍ غيْر شـَئن كـَأنـَّهُ ... أسَاريــعُ ظبْي أوْ مسَاويـكُ إسْحِــــل

العطو : التناول ، والفعل عطا يعطو عطواً ، والإعطاء المُناولة ، والتعاطي التناوُل ، والمُعاطاة الخدمة ، والتعطية
مثلها ، والرَّخص : اللين الناعم . الشئن : الغليظ الكزّ ، وقد شئن شُئـُونة الأسروع واليُسروع دود يكون في البقل والأماكن النـَّديَّة ، تـُشبَّهُ أنامل النـِّساء بهِ ، والجمع الأساريع واليساريع . ظبي : موضع بعينِهِ . المساويك :
جمع المسواك . الأسحل : شجرة تدق أغصانها في استواء ، تـُشبَّهُ الأصابع بها في الدِّقـَّةِ والاستواءِ .


يقولُ : وتتناول الأشياء ببنان رخص ليِّن ناعم غير غليظ ولا كزِّ ، كأنَّ تلك الأنامل تشبه هذا الصنف من الدّود أو
هذا الضرب من المساويك ، وهو المتخذ من أغصان هذا الشجر المخصوص المُعيَّن .


( 40 ) تـُضيءُ الظلامَ بالعِشاءِ كأنـَّهَا ... مَنــارَة ُمُمْسَـــى راهِبٍ مُتبَــــتـِّل

الإضاءة : قد يكون الفعل المُشتقّ منها لازماً وقد يكون مُتعدِّياً ، تقول : أضاء اللهُ الصّبحَ فأضاء ، والضَّوء والضّـُوء واحد ، والفعل ضاء يضُوء ضوءاً ، وهو لازم . المنارة : المسرجة ، والجمع المناور والمنائر . المُمسى : بمعنى : الإمساء والوقت جميعاً ، ومنه قول أميَّة من البسيط :

الحمدُ للهِ مُمْسانا ومصْبَحُنا ... بالخير صبَّحنا ربِّي ومَسَّانا

الرَّاهب يُجمع على الرّهبان مثل راكب ورُكبان وراع ورعيان ، وقد يكون الرّهبان واحِداً ويُجمع حينئذٍ على الرَّهابنةِ
والرَّهابين كما يُجمع السّلطان على السَّلاطنة والسَّلاطين ، أنشدَ الفرَّاْء من الرَّجز :


لو أبصرتْ رُهبان دير في جبَلْ ... لانحدر الرّهبــــان يسعى ويُصَلْ

جعل الرّهبان واحداً ، لذلكَ قال : يسعى ولم يقل : يسعوْن . المُتبتـِّل : المُنقطع إلى الله بنيَّتِهِ وعملِهِ ، والبتل :
القطع ، ومنه قيل : مريم البتول لانقِطاعها عن الرِّجال واختصاصها بطاعةِ الله تعالى ، فالتـَّبتـّل إذاً الانقطاع عن
الخلق والاختصاص بطاعةِ الله تعالى ، ومنه قوله تعالى : ( وتبتـَّل إليْهِ تبْتِيلا ً) المُزَّمِّل ( 8 ) .


يقولُ : تـُضيءُ العشيقة بنور وجهها ظلام الليل فكأنها مصباح راهب منقطع عن الناس ، وخصَّ مصباح الرَّاهب
لأنهُ يُوقِدُهُ ليهتدي بهِ عندَ الضَّلال فهوَ يُضيئهُ أشدَّ الإضاءة ، يُريدُ أنَّ نور وجهها يغلِبُ ظلام الليل كما أنَّ نور مصباح الرَّاهب يغلِبُهُ .


يتبعُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى

خذ العلم مني 01-13-2011 04:42PM

( 12 )

تكملة شرح مُعلـَّقة امرىء القيس

(41 ) إلى مِثـلِهَا يَرنـُو الحَـلِيمُ صَيَابَة ... إذا مَا اسبكرَّت بَيْن دِرْع ومِجْوَل

الاسبكرار : الطول والامتداد . الدِّرع : هو قميص المرأة ، وهو مذكـَّر ، ودرع الحديد مُؤنـَّثة ، والجمع
أدرع ودروع . المِجوَل : ثوب تلبسُهُ الجارية الصَّغيرة .


يقول : إلى مثلها ينبغي أن ينظر العاقل كلفاً بها وحنيناً إليها إذا طال قدَّها وامتدَّت قامتها بين من تلبس
الدِّرع وبين من تلبس المجول ، أي بين اللواتي أدركن الحلم وبين اللواتي لم يُدركن الحلم ، يُريد أنـَّـها
طويلة القـدِّ مديـدة القامة وهي بعد لم تـُدرك الحلم وقد ارتفعت عن سنَّ الجـواري الصِّغار . قولهُ : بين
درع ومجول ، تقديره : بين لابسة درع ولابسة مجول ، فحذف المُضاف وأقام المُضاف إليه مقامه .


( 42 ) تسَلـَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَـال عَن الصِّبا ... وَليْسَ فــُؤادِي عَنْ هَــواكِ بمُنسَل

سلا فلان عن حبيبه يسلو سُلوّا ، وسلى يسلي سُلِيّـاً ، وتسَلى تسلـِّياً ، وانسلى انسلاءً أي زال حبّـهُ من
قلبهِ أو زال حزنهُ . العماية والعمى واحد ، والفعل عميَ يعمى . زعم أكثر الأئمَّة أنَّ في البيْتِ قلباً تقديره :
تسلت الرِّجالات عن عمايات الصِّبا أي خرجوا من ظلماته وليس فؤادي بخارج من هواها .

وزعم بعضهم أنَّ - عَنْ - بمعنى - بَعْدَ - ، تقديره : انكشفت وبطلت ضلالات الرِّجال بعد مُضيِّ صباهم
بينما ظلَّ فؤادي في ضلالة هواها .


وتلخيص المعنى : أنَّه زعم أنَّ عشق العشاق قد بطل وزال ، وعشقه إيَّـاها باق ثابت لا يزول ولا يبطل .

( 43 ) ألا رُبَّ خـَصْم فيكِ ألوَى رَدَدتـُهُ ... نصِيح عَلى تـَعْذالِهِ غيـــر مُؤتــَـل

الخصم لا يُثنى ولا يُجمع ولا يُؤنث في لغة شطر من العرب ، ومنه قوله تعالى : ( وهل أتاكَ نبؤ الخصْم
إذ تسَوَّرُوا المِحْرَابَ ) ص - 21 - ، ويُثنى ويُجمع في لغة الشطر الآخر من العرب ، ويُجمع على الخصام
والخصوم . الألوى : الشديد الخصومة كأنه يلوي خصمه عن دعواه . النصيح : الناصح . التعذال والعذل :
اللوم ، والفعل عذل يعذل . الألو والائتلاء : التقصير ، والفعل ألا يألو وائتلى يأتلي .


يقول : ألا رُبَّ خصم شديد الخصومة كان ينصحني على فرط لومه إيَّاي على هواكِ غير مُقصِّر في
النصيحة واللوم رددته ولم أنزجر عن هواكِ بعذله ونصحه . وتحرير المعنى : أنه يُخبرها ببلوغ حبّه إيَّاها
الغاية القصوى ، حتى إنه لا يرتدع عنه بردع ناصح ولا ينجع فيه لــوم لائم ، وتقدير لفظ البيت : ألا رُبَّ
خصم ألوى نصيح على تعذاله غير مُؤتل رددته .


( 44 ) وَليْـل كـَمَوْج البَحْر أرْخى سُدُولـَهُ ... عَـلـَيَّ بأنـْــــوَاع الهُمُـــوم لِبـْتــَلِي

شبَّهَ ظلام الليل في هوله وصعوبته ونكارة أمره بأمواج البحر . السّدول : السّتور ، الواحد منها سِدْل .
الإرخاء : إرسال السِّتر وغيره ، الابتلاء : الاختبار . الهموم جمع الهمّ : بمعنى الحزن وبمعنى الهمَّة .
الباء في قولهِ : بأنواع الهموم بمعنى مَعَ .


يقول : وَرُبَّ ليل يُحاكي أمواج البحر في توحّشه ونكارة أمره وقد أرخى عليَّ ستور ظلامه مع أنواع
الأحزان ، أو مع فنون الهمِّ ، ليختبرني أأصبر على ضروب الشدائد وفنون النوائب أم أجزع منها .
لمَّا أمعن في النـَّسيب من أوَّل القصيدة إلى هنا انتقل منه إلى التـَّمدّح بالصَّبر والجلد .


( 45 ) فـَقـُـلتُ لـَـهُ لمَّــا تـَمَمَطـَّى بـِصُلبـِهِ ... وَأرْدَفَ أعْجَــازاً وَنـَـاءَ بـِكـَلـْـكـَـل

تمطى أيْ تمدَّد ، ويجوز أن يكون التمطي مأخوذاً من المطا ، وهو الظهر ، فيكون التمطي مدّ الظهر ، ويجوز أن يكون منقولا
من التمطط فقلبت إحـدى الطائيْن ياء كما قالوا : تظنـَّى تظنـِّياً والأصل تظنـَّنَ تظنـّناً ، وقالوا : تقضَّى البازي تقضِّياً
والتـَّمطط التـَّفعّل من المطـِّ ، وهو المدّ . وفي الصّلب ثلاث لغات مشهورة ، وهي : الصلب : بضمِّ الصَّاد وسكون
اللام ، والصلب بضمِّهما ، والصَّلـَب بفتحهما ، ومنه قول العجاج يصفُ جارية من الرَّجز :

رَيـَّـا العِـظام فخمــة المُخدَّم ... في صَلب مثل العنان المُؤذم

ولغة غريبة وهيَ الصَّالب ، وقال العبَّـاس عمّ النـَّبي صلى الله عليه وسلم يمدح النبي عليه الصلاة والسلام من المنسرح :

تنقـَّلَ من صالب إلى رَحِم ... إذا مضى عالم بدا طبـَق

الإرداف : الإتباع والإتـِّباع وهو بمعنى الأوَّل ها هنا . الأعجاز : المآخير ، الواحد عجُز .ناء : مقلوب نأى
بمعنى بَعُدَ ، كما قالوا : راء بمعنى رأى وشاء بمعنى شأى . الكلكل : الصَّدر ، والجمع كلاكل . الباء في قول :
ناء بكلكل للتـَّعدّدِيَّة ، وكذلك هي في قوله : تمطى بصلبه ، استعار لليل صُـلباً واستعار لطوله لفظ التمطي ليلائم الصلب ،
واستعار لأوائله لفظ الكلكل ولمآخيره لفظ الأعجاز .


يقول : فقلت لليل لما مدّ صلبه يعني لما أفرط طوله ، وأردف أعجازاً يعني ازدادت مآخيره ، امتداداً وتطاوُلا ً، وناء بكلكل
يعني أبعد صدره ، أي بعُدَ العهد بأوَّله ، وتلخيص المعنى : قلتُ لليل لمـَّـا أفرط طوله وناءت أوائله وازدادت أواخره
تطاوُلا ً ، وطول الليل يُنبىءُ عن مُقاساة الأحزان والشدائد والسَّهر المتولـِّد منها ، لأنَّ المغموم يستطيل ليله ، والمسرور يستقصر ليله .


( 46 ) ألا أيّـُـها الليْلُ الطـَّويل ألا انـْجَلي ... بصُبـْح وما الإصْبَاحُ مِنـْكَ بأمْـثـَـل

الانجلاء : الانكشاف ، يـُقال : جلوته فانجلى أي كشفته فانكشف . الأمثل : الأفضل ، والمُـثلى : الفضلى ،
والأماثل : الأفاضل .


يقول : قلتُ لهُ ألا أيها الليل الطويل انكشف وتنحَّ بصبْح ، أي لِيَزل ظلامكَ بضِياءٍ من الصّبح ، ثمَّ قال : وليس الصبحُ
بأفضل منك عندي لأني أقاسي الهموم نهاراً كما أعانيها ليلا ً ، أو لأنَّ نهاري أظلمَ في عينيَّ لازدحام الهموم عليَّ حتى حكى الليل
وهذا إذا رُويت : وما الإصباح منك بأمثل ، وإن رُويت : فيك بأفضل ، كان المعنى : وما الإصباح في جنبك أو في
الإضافة إليك أفضلُ منك لِـما ذكرنا من المعنى لمـَّـا ضجُر بتطاوُل ليله خاطبهُ وسألهُ الانكشاف ، وخطابه ما لا يعقلُ يدلّ على
فرط الوَلهِ وشدَّة التـَّحيـّر ، وإنما يستحسن هذا الضَّرب في النسيب والمراثي وما يُوجبُ حُزناً وكآبة ووجداً وصبابة .


يتبع إن شاء الله تعالى

تحيــَّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:42PM

( 13 )

تكملة شرح مُعلـَّـقة امرىء القيس

( 47 ) فيَـا لكَ من ليل كأنَّ نـُجومهُ ... بأمْراس كتـَّـان إلى صُمِّ جَنـْدَل

الأمراس جمعُ مَرس : وهو الحبل ، وقد يكون المرس جمعُ مَرَسَه وهو الحبل أيضاً ، فتكون الأمراس
حينئذٍ جمـع الجمـع ، وقولـه : بأمراس كتـَّـان ، من إضافـة البعـض إلى الكـلِّ ، أي بأمراس من كتـَّان
كقولهم : باب حديد ، وخاتـمُ فضـَّة ، وجُبَّـة خزِّ . الأصمّ : الصَّلب ، وتأنيثهُ الصَّمَّاء ، والجمعُ الصّـتمّ .
الجندل : الصَّخرة ، والجمعُ جنادل .

يقولُ مُخاطِباً الليل : فيا عَجَباً لكَ من ليل كأنَّ نـُجُومهُ شـّـدَّت بحبال من الكتـَّان إلى صُخور صلاب ، وذلكَ
أنـَّهُ استطال الليل فيقول : إنَّ نجومهُ لا تزول من أماكنها ولا تغرُبُ ، فكأنـَّها مشدودة بحبــــال إلى صُخور
صلبة ، وإنما استطال الليل لمُعاناتهِ الهُمُوم ومُقاسَاتهِ الأحزان فيـهِ ، وقـوله : بأمراس كتـَّان يعني رُبـطت
فحذف الفعل لدلالة الكلام على حذفه ، ومنه قول الشاعر من الطويل :

مَسَّـنا من الآباء ( شيئاً ) فكلـّنا ... إلى حَسَبٍ في قومِهِ غيــرُ واضع

يعني فكلنا يعتزي أو ينتمي أو ينتسب إلى حسبٍ ، فحذفَ الفعل لدلالة باقي الكلام عليهِ ، ويُروى : كأنَّ نـُجومهُ
بكلِّ مغـار الفتل شـُدَّت بيذبـل ، وهذا أعـرف الرِّوايتين وأسيرهما . الإغـارة : إحكام الفتل . يذبـل : جبـل بعينهِ .

يقول : كأنَّ نـُجومهُ قد شـُدَّت إلى يذبل بكلِّ حبل مُحكم الفتل .

( 48 ) وَقِربةِ أقوَام جََعَلـْتُ عِصَـامَهَا ... على كاهِل مِنـِّي ذلـُول مُرَحَّــل

لم يرو جمهور الأئمَّة هذه الأبيات الأربعة في هذه القصيدة ، وزعموا أنها لتأبَّط شراً .. أعني : وقربة أقوام
إلى قـولهِ : وقــــد أغتــدي، ورواها بعضهم في هـــذه القصيدة هنا . العصام : وكـــــاء القربــــة
والجمـع العُصُم .الكاهل : أعلى الظهر عنــد مركب العنــــق فيه ، والجمع الكواهل . التـَّرحيل :
مُبالغة الرَّحل ، يُقال : رحَّلتهُ إذا كررت رحـله .

يقول : ورُبَّ قربة أقوام جعلتُ وكاءها على كاهل ذلول قد رُحِّل مرَّة بعد مرَّة أخـرى منـِّي ، وفي معنى البيت
قولان : أحدهما أنـَّهُ تمدَّح بتحمّل أثقال الحقوق ونوائب الأقوام من قِرى الأضياف وإعطاء العُفاة والعقل عن
القاتلين وغير ذلك ، وزعم أنـَّه قد تعوَّد التـَّحمّل للحقوق والنـَّوائب ، واستعار حمل القربة لتحمّل الحقوق ثمَّ
ذكر الكاهــل لأنـَّه موضع القربة من حاملها وعبَّــر بكون الكاهل ذلولا ً مُرحَّلا ً عن اعتيــاده تحمّل الحقــوق
والقول الآخر أنـّه تمدَّح بخِدمتِهِ الرّفقاء في السَّفر وحملهُ سِقاء الماء على كاهل قد مَرنَ عليهِ .

( 49 ) ووادٍ كجَوْفِ العَيْر قفر قطعْـتـُهُ ... بهِ الذئبُ يَعْــوي كالخليـع المُعيَّـل

الوادي يُجمع على الأوديةِ والأوديات . الجوف : باطن الشـَّيء ، والجمع أجواف . العيْر : الحمار ، والجمع
الأعيار . القفر : المكان الخالي ، والجمع القفار ، ويُقال : أقفر المكان إقفاراً إذا خـلا ، ومنه خبز قفار : لا
إدام معَـهُ . الذئب يُجمــعُ على الذئاب والذيــاب والذؤبان ، ومنـه قيـــل : ذؤبان العرب للخبثاء المتلصِّصين
وأرض مذأبة : كثيرة الذئاب ، وقد تذأبت الرِّيح وتذاءبت إذا هبَّــت من كلِّ ناحيةٍ كالذئب إذا حُذِر من ناحيـةٍ
أتى من غيرها . الخليــع : الذي قد خلعه أهله لخبثهِ ، وكان الرَّجل منهم يأتي بابنه إلى الموسم ويقول : ألا
إني قــد خلعتُ ابني فإن جرَّ لم أضمن ، وإن جُرَّ عليهِ لم أطلب ، فلا يُؤخذ بجرائرهِ ، وزعم الأئمَّة أنَّ الخليع
في هذا البيت المُقامــر . المُعّيَّــل : الكثير العيال ، وقد عيَّل تعييـلا ً فهو مُعيِّل إذا كثر عياله . العواء :صوت
الذئب وما أشبهه من السَّباع ، والفعل عوى يعوي عواء .

زعم صنف من الأئمَّةِ أنه شبَّه الوادي في خلائه من الإنس ببطن العير ، وهو الحمار الوحشي ، إذا خـلا من
العلف ، وقيل : بل شبَّههُ في قِلـَّةِ الانتفاع به بجوف العير لأنه لا يُركب ولا يكون له درّ ، وزعم صنف منهم
أنـَّهُ أراد كجوف الحمار فغيَّر اللفظ إلأى ما وافقه في المعنى لإقامةِ الوزن ، وزعموا أنَّ حماراً كان رجُلا ً من
بقيَّةِ عاد وكان مُتمسِّكاً بالتـَّوحيد ، فسافر بنوهُ فأصابتهم صاعـقـة فأهلكتهم ، فأشركَ باللهِ وكفــرَ بعدَ التـَّوحيد
فأحرق اللهُ أمواله وواديه الذي كان يسكن فيه فلم يُنبت بعدّهُ شيئاً ، فشبَّه امرؤ القيس هذا الوادي بواديه في
الخلاء من النـَّبات والإنس .

يقول : ورُبَّ وادٍ يُشبهُ وادي الحمار في الخلاء من النبات والإنس أو يُشبهُ بطن الحمار فيما ذكرنا طويته
سيراً وقطعته . وكان الذئب يعوي فيه من فرط الجوع كالمُقامر الذي كثر عياله ويُطالبه عياله بالنفقة ، وهو
يصيح بهم ويُخاصمهم إذ لا يجد ما يُرضيهم بهِ .

( 50 ) فقلتُ لهُ لمَّــا عوى : إنَّ شأننا ... قليـلُ الغنى إنْ كنتَ لمَّا تـَمَوَّل

قوله : إنَّ شأننا قليل الغنى يريد : إنَّ شأننا وأمرنا قليل الغنى ، ومن روى : طويل الغنى فمعناه طويـل طلب
الغنى . وقد تموَّل الرَّجل إذا صار ذا مال . لمَّا : بمعنى لم في البيت كما كانت في قوله تعالى : ( ولمَّا يعلم الله
الذين جاهدوا منكم ) التوبة - 16 - .

كذلكَ يقول : قلتُ للذئب لمَّا صاح إنَّ شأننا وأمرنا أننا يقل غنانا إن كنتَ غير مُتموِّل كما كنتُ غير متموِّل
وإذا رُويَ طويل الغنى ، فالمعنى : قـلتُ لهُ إنَّ شأننا أننا نطلبُ الغنى طويـلا ً ثمَّ لا نظفـر بهِ إن كنتَ قليـل
المال كما كنتُ قليل المال .

( 51 ) كِـلانا إذا ما نــال شيْئاً أفاتــَـهُ ... ومن يّحْترثْ حَرْثي وَحَرْثِكَ يَهْزل

أصْلُ الحرثِ إصلاح الأرض وإلقاء البذر فيها ثمَّ يُستعار للسَّعي والكسب كقولهِ تعالى : ( من كان يُريدُ حَرْث
الآخِرَةِ ) الشورى - 20 - الآية . وهو في البيتِ مُستعار .

يقول : كلّ واحدٍ منا إذا ظفِرَ بشيء فوَّتهُ على نفسهِ إيْ إذا ملكَ شيئاً أنفقهُ وبذرهُ ، ثمَّ قال : ومن سعى سعيي
وسعيكَ افتقرَ وعاش مهزول العيش .

( 52 ) وقد أغتدِي والطيْرُ في وُكناتِهَا ... بمُنجَردٍ قيْـــدِ الأوَابــــدِ هَيــْـكل

غدا يغدو غدُواً واغتدى اغتداءً واحد . الطير جمع طائر مثل الشـَّـرْب في جمع شارب والتـَّجر في جمع تاجر
والرَّكب في جمع راكب ، ثمَّ يُجمعُ على الطيــور مثل بيت وبيـوت وشيـخ وشيـوخ . الوكنات : مواقع الطيـر
واحدتها وكنـــة ، وتـُقلب الواو همــزة فيُقال أكـْنة ، ثمَّ تـُجمعُ الوُكـُنــة على الوُكـُـنـات ، بضمِّ الواو والكاف
وعلى الوُكـَنات ، بضمِّ الواو وفتح الكاف ، وعلى الوُكـْنات ، بضمِّ الواو وسكون الكاف ، وتـُكسَّرُ على الوُكـَن
وهـكذا حكـم فعلة نحو ظلمة وظـُلـُمات وظـُلـَمات وظـُلـَم . المُنجرد : الماضي في السَّير ، وقيــل : بل هو قليــل
الشعر . الأوابد الوحوش ، ود أبد الوحش يأبـِد أبـُوداً ، ومنه تأبَّد الموضع إذا توحَّش وخـلا من القطـَّان ومنه
قيل للفذ : آبدة لتوحّشهِ عن الطـِّباع . الهيكل ، قال ابن دُريد : هو الفرس العظيم الجرْم ، والجمع الهياكل .

يقول : وقد أغتدي والطير بعـد مُستقرَّة على مواقعــها التي باتت عليها على فرس ماض في السَّيْر قليـــل الشـَّعْر
يُقيِّدُ الوحوش بسرعة لحاقه إيَّاها كما أنه عظيم الألواح والجرْم ، وتحرير المعنى : أنـَّــهُ تمدَّحَ بمُعاناة دجى
الليــل وأهواله ، ثمَّ تمدَّحَ بتحمّل حقوق العُفاة والأضياف والزوَّار ، ثمَّ تمدَّحَ بطيِّ الفيافي والأودية ، ثمَّ أنشأ
الآن يتمـدَّحُ بالفروسيَّة . يقــول : وربما باكرتُ الصَّيْدَ قبـل نهوض الطير من أوكارها على فرس هذه صفته .
وقــوله : قيـْــد الأوابد جعله لسرعة إدراكه الصَّيد كالقيْــدِ لها ، لأنها لا يُمكنها الفوْتُ منه كما أنَّ المُقيَّدَ غير
مُتمكـِّن من الفوْتِ والهرب .

يتبع إن شاء اللهُ تعالى

تحيــَّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:43PM

تكملة شـرح مُـعـلــَّــقـــــــــة امرىء الـقـيـس

( 53 ) مِـكــَـرٍّ مِـفــَـرٍّ مُـقـبـل مُـدبــِر مَـعـاً ... كجُـلمُـودِ صَـخر حـطــَّـهُ السَّـيْـلُ مِن عَـل

الكرّ : العـطـفُ ، يـُقـال : كرَّ فرسهُ على عدوِّهِ أيْ عطفهُ عليهِ ، والكرّ والكـُرور جمبعاً الرّجوع ، يـُقـال : كرَّ على قرنه يكرّ كراً وكروراً ،
والمِكرّ مفعل من كرَّ يكِرّ ، ومِفعل يتضمَّن مُبالغة كقولهم : فلان مِسعر حرب وفلان مِقوَل ومُـصقــَّـع ، وإنما جعلوه متضمناً مبالغة لأنَّ مِفعلاً قد يكون
من أسماء الأدوات نحو المِعوَل والمِخرَز ، فجُعِل كأنه أداة للكرور وآلة لتسعر الحرب وغير ذلك . مِـفـرٍّ : مفعل من فرَّ يفرّ فِـراراً ، والكلام فيه
نحو الكلام في مِكرٍّ . الجلمود والجلـمـد : الحجر العظيم الصَّـلب ، والجمع جلامـد وجلامـيـد . الصَّـخر : الحجر ، الواحدة صخرة ،
وجمع الصَّخر صُخور . الحَـطــّ : إلقاء الشـَّيء من علو إلى سُـفل ، يُـقال : حطه يحطه فانحطــَّ . وقوله : من عل أيْ من فوق ، وفيه
سبعُ لغاتٍ ، يـُقال : أتيته من علُ ، مضمومة اللام ، ومن عَلـْـو بفتح الواو وضمها وكسرها ، ومن عليْ بياء ساكنة ، ومن عال مثل قاض ، ومن مَعَال
مثل مَعَـاد ، ولغة ثامنة يُـقال : من علا ، وأنشد الفراء :

بانت تنوش الحوض نوْشاً من علا ... نوْشاً به تقطع أجواز الفلا

وقوله : كجلمود صخر ، من إضافة بعض الشيء إلى كلــِّـه مثل باب حديد ، وجبَّـة خز ، أي كجلمود من صخر .


يقول : هذا الفرس مِـكرِّ إذا أريد منه الكرّ ، ومِفرٍّ إذا أريد منه الفرّ ، ومُـقبل إذا أريد منه إقباله ، ومُدبر إذا أريد منه إدباره . وقوله : معاً ،
يعني أنَّ الكرَّ والفرَّ والإقبال والإدبار مُجتمعة في قوَّته لا في فعله لأنَّ فيها تضاداً ، ثمَّ شبَّـهـه في سرعة مرِّه وصلابة خلقه بحجر عظيم ألقاه السَّـيل
من مكان عال إلى حضيض
.

( 54 ) كـُمَـيتٍ يزلّ اللــَّـبدُ عن حال مـتـنـهِ ... كما زلـَّـتِ الصَّـفواءُ بالـمُـتـَنـزِّل

زلَّ الشيء يزلّ زليلا ً وأزللته أنا . الحال : مقعد الفارس من ظهر الفرس . الصَّـفواء والصَّـفوان والصَّـفا : الحجر الصَّـلب . الباء
في قوله بالمتنزل للتعدية .


يقول : هذا الفرس الكـُميت يزلّ لبده عن متنه لانملاس ظهره واكتناز لحمه ، وهما يُحمدان من الفرس ، كما يُزلّ الحجر الصَّـلب الأملس المطر النازل
عليه ، وقيل : بل أراد الإنسان النازل عليه ، والتنزل والنزول واحد ، والمتنزِّل في البيت صفة لمحذوف وتقديره بالمطر المتنزِّل أو بالإنسان المتنزِّل
وتحرير المعنى : أنه لاكتناز لحمه وانملاس صلبه يزلّ لبده عن متنه كما أنَّ الحجر الصَّـلب يُزلّ المطر أو الإنسان عن نفسه . وجرَّ كـُميتاً وما
قبلهُ من الأوصاف لأنها نعوت لمنجرد
.

( 55 ) على الذبـْـل جَـيَّـاش كأنَّ اهتِـزامَهُ ... إذا جَـاشَ فِيهِ حميُهُ غـَلـْيَ مِـرجَل

الذبل والذبول واحد ، والفعل ذبـُل يذبُـل . الجيَّـاش مُبالغة جائش وهو فاعل من جاشت القدر تجيش جيشاً وجَيَشاناً إذا غلت ، وجاش البحر جيشاً
وجَيَشاناً إذا هاجت أمواجه . الاهتزام : التـَّـكسّـر . الحمي : حرارة القيض وغيره ، والفعل حمي يحمَى . المرجل : القدر من
صُفر أو حديد أو نحاس أو شبهه ، والجمع المراجل ، وروى ابن الأنباري وابن مجاهد عن ثعلب أنه قال : كلّ قدر من حديد أو صُـفر أو حجر أو
خزف أو نحاس أو غيرها فهو مرجل
.

يقول : تغلي فيه حرارة نشاطه على ذبول خلقه وضـُـمر بطنه ، ثمَّ شبـَّـه تكسّـر صهيله في صدره بغليان القدر .

( 56 ) مِـسَـحٍّ إذا ما السَّـابحاتُ على الوَنــَـى ... أثــرْنَ الغـُبـَارَ بالكـَـديـــدِ المـُـرَكـَّـل

سَـحَّ يَسِـحّ : قد يكون بمعنى صبَّ يصبّ وقد يكون بمعنى انصبَّ ينصبّ ، فيكون مرَّة لازماً ومرَّة مُتعدِّياً ، ومصدره إذا كان مُتعدِّياً السَّـحّ، وإذا كان
لازماً السح والسحوح ، تقول : سَحَّ الماء فسَـحَّ هو ، ومِسَح ّ مِفعل من المُتعدِّي ، وقد قرَّرنا أنَّ مِفعلا ً في الصِّـفات يقتضي مُبالغة ، فالمعنى أنَّه
يصبّ الجرْيَ والعدْو صباً بعد صبٍّ . السَّـابح من الخيل : الذي يمدّ يديه في عدوه شـُبِّـه بالسَّـابح في الماء . الونى : الفتور ، والفعل ونى
يني ونياً وونىً . الكديد : الأرض الصّـلبة المُـطـمـئـنـَّـة . المُـركـَّـل من الرَّكل : وهو الدَّفع بالرِّجل والضـَّـرب بها ، والفعل منه ركل يركل
ومنه قوله عليه الصَّـلاة والسَّـلام : ( فركلني جبريل ) . والتـَّـركيل التـَّـكرير والتـَّـشديد ، والمُـركـَّـل الذي يركل مرَّة بعد أخرى .


يقول : يصبّ هذا الفرس عدوه وجريه صباً بعد صبٍّ ، أي يجيء به شيئاً بعد شيءٍ ، إذا أثارت جياد الخيل التي تمدّ أيديها في عدوها الغبار في
الأرض الصَّـلبة التي وُطِئت بالأقدام والمناسم والحوافر مرَّة بعد أخرى في حال فتورها في السَّـير وكلالها ، وتحرير المعنى : أنه يجيء بجري
بعد جري إذا كلـَّـت الخيل السَّـوابح وأعيت وأثارت الغبار في مثل هذا الموضع . وجرَّ مسحا لأنه صفة الفرس المنجرد ، ولو رفع لكان صواباً
وكان حينئذٍ خبرمُبتدأ محذوف تقديره هو مِسحّ ، ولو نصب لكان صواباً أيضاً وكان انتصابه على المدح ، والتـَّـقدير : أذكر مِسَحّـاً أو أعني مِسحاً
وكذلك القول فيما قبله من الصِّفات نحو كـُمـيـت ، يجوز في كلِّ هذه الألفاظ الأوجه الثلاثة من الإعراب . ويُـروى : المـرحَّـل .


يتبعُ إن شاء اللهُ تعالى

تحيــَّــاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:44PM

تكملـة شـرح مُـعلــَّـقة امرىء القيس

( 57 ) يـُزلّ ُ الغـُـلامَ الخِـفَّ عَن صَهَـواتهِ ... ويُـلـْوي بأثوَاب العَـنيـفِ المُـثـقــَّـل

الخِفَّ : الخفيف . الصَّهوة : مقعد الفارس من ظهر الفرس ، والجمع الصَّهوات ، وفـَعلة تـُجمعُ على
فـَعَـلات ، بفتح العين ، إذا كانت اسماً ، نحو شعرة وشعَرات وضربة وضرَبات ، إلا َّ إذا كانت عينها
واواً أو ياءً أو مُدغمة في اللام فإنها تـُسكـَّن حينئذٍ ، نحو بيضة وبيْضات ، وعورة وعوْرات ، وحبَّة
وحبَّـات ، فإذا كانت صفة تـُجمع على فعْـلات ، مُسكـَّنة العين أيضاً ، نحو ضخمة وضخـْمات وخدلة
وخدْلات . ألوى بالشيء : رمى به ، وألوى به ذهب بهِ . العنيف : ضدَّ الرَّقيـق
.

يقول : إنَّ هذا الفرس يُزلّ ويُزلق الغلام الخفيف عن مقعده من ظهره ويرمي بثياب الرَّجل العنيف
الثقيل ، يُريد أنه يُزلق عن ظهره من لم يكن جيِّد الفروسيَّة عالماً بها ويرمي بأثواب الماهر الحاذق
في الفروسيَّة لشدَّة عدْوه وفرط مرحه في جريه ، وإنما عبَّر بصهواتهِ ولا يكون له إلا َّ صهوة واحدة
لأنه لا لبس فيه ، فجرى الجمع والتوحيد مجرى واحداً عند الاتساع ، لأنَّ إضافتها إلى ضمير الواحد
تـُزيل اللبس كما يُقال : رجل عظيم المناكب وغليظ المشافر ، ولا يكون له إلا َّ منكبان وشفتان ، ورجل
شديد مجامع الكتفين ، ولا يكون له إلا َّ مجمع واحد . ويُروى يُطير الغلام ، أي يُطيره . ويُروى : يَزلّ
الغلام الخفَّ ، بفتح الياء من يزل ورفع الغلام ، فيكون فعلا ً لازماً
.


( 58 ) دَريـر كـَخـُذرُوفِ الوَلِـيـدِ أمَـرَّهُ ... تـَتـَابُعُ كـَفــَّـيْهِ بـِخيْطٍ مُوَصَّـل

الدرير : من درَّ يدُرّ ، وقد يكون درَّ لازماً ومُتعدِّياً ، يـُقال : درَّت الناقة اللبن فدرَّ اللبن ( الحليب ) ، ثمَّ
الدَّرير ها هنا يجوز أن يكون بمعنى الدَّارّ من درَّ إذا كان مُتعدِّياً ، والفعيل يكثر مجيئه بمعنى الفاعل نحو
قادر وقدير وعالم وعليم ، ويجوز أن يكون بمعنى المُدِرّ من الإدرار وهو جعل الشيء دارّاً ، وقد يكثر
الفعيل بمعنى المفعل كالحكيم بمعنى المُحْكم والسميع بمعنى المُسْمع ، ومنه قول عمرو بن معد يكرب من
الوافر
:

أمن ريحـانـة الــداعي السميـ ... ـع يؤرقني وأصحابي هُجُـوعُ

أي المسمع . الخذروف : حصاة مثقوبة يجعل الصبيان فيها خيطاً فيُديرها الصبي على رأسه . شبَّه سرعة
هذا الفرس بسرعة دوران الحصاة على رأس الصبي . الوليـد : الصبي ، والجمع الولدان ، وجمع خذروف
خذاريف ، والوليدة : الصَّبيَّة ، وقد يُستعار للأمَة ، والجمع الولائد . الإمرار : إحكام الـفـتـل
.

يقول : هو يدرّ العَدْوَ والجَرْيَ أي يُديمهما ويُواصلهما ويُتابعهما ويُسرع فيهما إسراع خذروف الصبي إذا
أحكم فتل خيطه وتتابعت كفـَّـاه في فتله وإدارته بخيط قد انقطع ثم وُصل ، وذلك أشدّ لدورانه لانملاسه
ومرونه على ذلك ، وتحرير المعنى : أنه مُديم السير والعدو مُتابع لهما ، ثم شبَّهه في سرعةِ مرِّه وشدَّة
عَدْوه بالخذروف في دورانه إذا بُولغ في فتل خيطه وكان الخيط موصلا ً ، ويسوغ في إعراب درير ما ساغ
في إعراب مِسَحِّ من الأوجه الثلاثة
.

( 59 ) لهُ أيْطَـلا ظبْيٍ وَسَـاقا نـَعَـامةٍ ... وَإرْخاءُ سِرْحَان وتـَقـْريبُ تـَتـْـفـُـل

الأيطل والإطل : الخاصرة ، والجمع الأياطل والآطال ، أجمع البصريّون على أنه لم يأت على فعل من الأسماء
إلا َّ إبل ، ومن الصفات إلا َّ بلز وهي الجارية التـَّـارَّة السَّمينة الضخمة ، وحكى الكوفيّون إطـِــلا ً من الأسماء
أيضاً مثل إيل ، فقد اتفق الفريقان على اقتصار فعل على هذه الثلاثة . الظبي يجمع على أظب وظباء ، والساق
على الأسؤق والسَّوْق ، والنعامة تـُجمع على النعامات والنِعام والنعائم . الإرخاء : ضرب من عَدْو الذئب يُشبه
خبَب الدَّواب . السِّرحان : الذئب . التقريب : وضع الرِّجلين موضع اليدين في العــدو . التـَّتـْـفل : ولــد الثعلب .
شبَّهَ خاصرتيْ هــذا الفرس بخاصرتيْ الظبي في الضمر ، وشبَّــه ساقيْه بساقيْ النعامة في الانتصاب والطـّــول
وعدوه بإرخاء الذئب ، وتقريبه بتقريب ولد الثعلب ، فجمع أربعة تشبيهات في هذا البيت
.


( 60 ) ضليع إذا استـَدْبَرْتــَهُ سدَّ فرْجَهُ ... بضافٍ فـُوَيـْق الأرض ليس بأعْزل

الضليع : العظيم الأضلاع المُنتفخ الجنبين ، والجمع الضلعاء ، والمصدر الضِلاعة ، والفعل ضلع يضلعُ .
الاستدبار : النظر إلى دُبُر الشيء ، وهو مُؤخرُهُ ، وتتبع دُبُر الشيء . الفرْج : الفضاء بين اليدين
والرِّجلين ، والجمع الفروج .
الضفو : السبوغ والتمام ، والفعل ضفا يضفو ، أراد بذنب ضاف فحذف الموصوف اجتزاءً
بدلالة الصفة عليه ، كقولهم : مَـرَرتُ بكريـم ، أي بإنسان كريم . فويق : تصغير فـوق وهو
تصغير التقريب مثل قـُـبَـيْل وبُعَيـْد في تصغير قبل وبعد . الأعزل : الذي يميل عظم ذنبه إلى
أحد الشـِّقـَّين
.

يقول : هذا الفرس عظيم الأضلاع مُنتفخ الجنبين إذا نظرتَ إليه من خلفه رأيته قـد سدَّ الفضاء الذي بين
رجليه بذنبه السَّـابغ التام الذي قـَرُبَ من الأرض وهو غير مائل إلى أحـد الشـِّـقـَّين ، فسبوغ ذنبه من دلائل
عِـتـقـه وكرمه ، وشرط كونه فـُويق الأرض لأنه إذا بلغ الأرض وطِئه برجليْه وذلكَ عيب لأنـه ربما عثر به
واستواء عسيب ذنبه أيضاً من دلائل العتق والكرم
.

يتبعُ إن شاء اللهُ تعالى

تحيــَّــاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:44PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه

( 16 )


تكملة شرح مُعـلــَّـقة امرىء القيـْـس

( 61 ) كأنَّ عَـلى المَـتـنـيـْـن مِنهُ إذا انـتـحَى ... مَـدَاكَ عَـرُوس ٍ أوْ صَـلايـةِ حَـنـظـَـل

المتنان : تثنية متن وهما ما عن يمين الفقار وشماله . الانتحاء : الاعتماد والقـَصَـد . المَدَاك : الحجر الذي
يُسحق به الطيب وغيره ، والذي يُسحق عليه أيضاً مداك ، والدَّوْك : السَّحـْق ، والفعل منه داكَ يدوكُ دوكاً .
الصَّلاية : الحجر الأملس الذي يُسحق عليه شيء كالهبيد وهو حبّ الحنظل . ويُروى : كأنَّ سُراته لدى البيت
قائماً . السراة : أعلى الظهر ، والجمع السَّروات ، ويُستعار لِعِـليَـةِ الناس ، وَسَرَاة النهار أعلى مداه .
والسَّرو : الارتفاع في المجد والشرف ، والفعل منه سرا يسرو وسرى يسري وَسَرُوَ يسرو ، ونصب قائماً
على الحال . شبَّهَ انملاس ظهره واكتنازه باللحم بالحجر الذي تسحق العروس به أو عليه الطيب ، أو بالحجر


الذي يُكسر عليه الحنظل ويُستخرجُ حبّه ، وخصَّ مداك العروس لحدثان عهدها بالسَّحق للطيب
.

( 62 ) كأنَّ دِمَـاءَ الهَـادِيَـاتِ بـِنـَحـْرهِ ... عُصَـارَة ُ حِنــَّـاءٍ بـشـَيْبٍ مُرَجَّـل


تثنية الدَّم : الدَّمان والدميان ، ومنه قول الشاعر من الوافر :

فلـو أنا على حَجَــر ذبحنا ... جرى الدَّميان بالخبر اليقين

والجمع دماء ودُمِيّ ، والتصغير دُمَيّ ، والقطعة منه دَمَة ، حكاها الليث ، وقد دَمِيَ الشيء يُدْمَى إذا تلطـَّخ
بالدَّم ، وأدْمَيْتـُهُ أنا وَدَمَّيـْـتهُ . الهاديات : المُتقدِّمات والأوائل ، وسُمِّيَ المُتقدِّم هادِياً لأنَّ هادي القوم يتقدَّمَهُم
ومنه قيل لعُنق الفرس : هادٍ لأنه يتقدَّم على سائر جسده . عُصارة الشيء : ما خرج منه عند عصره .
الترجيل : تسريح الشعر . المُرجَّل : المُسَرَّح بالمشطِ


.

يقول : كأنَّ دماء أوائل الصَّيد والوحوش على نحر هذا الفرس عُصارة حِناء على شعر الأشيَب ، وأتى
بالمُرجَّل لإقامة القافية


.

( 63 ) فعَـنَّ لنا سِـرْبٌ كأنَّ نِعَـاجَهُ ... عَذارَى دَوَار ٍ في مُلاءٍ مُذيَّـل


عَنَّ : أي عَـرَضَ وظهَرَ . السِّرب : القطيـع من الظباء أو النساء أو القطا أو المها أو البقر أو الخيل ، والجمع
الأسراب . النِعاج : اسم لإناث الضأن وبقر الوحش وشاء الجبل ، الواحدة نعجة ، وجمع التصحيح نعَجات
والمُراد بالنعاج في هذا البيت إناث بقر الوحش ، وبالسِّرب القطيع منها . العذراء : البكر التي لم تـُمسّ ، والجمع
عذارى . الدَّوَار : حجر كان أهل الجاهليَّة ينصبونه ويطوفون حوله تشبيهاً بالطائفين حول الكعبة إذا نأوا عن
الكعبة . المُلاء : جمع مُلاءة ، وإنما تـُسمى مُلاءة إذا كانت لِفـْقـَيـْـن . المُذيَّـل : الذي أطِيلَ ذيْـلهُ وأرْخِـي


.

يقول : فعرض لنا وظهر قطيع من بقر الوحش كأنَّ إناث ذلكَ القطيع نساء عذارى يطـُفـْنَ حول حجر منصوب
يُطاف حوله في ملاء طويلة ذيولها ، وقد شبَّهَ المها في بياض ألوانها بالعذارى لأنهنَّ مصونات في الخدور لا
يُغيـِّر ألوانهنَّ حرّ الشمس وغيره ، وشبَّهَ طول أذيالها وسُبُوغ شعرها بالملاء المُذيَّـل ، وشبَّهَ حُسْن مَشيها
بحُسْن تبختر العذارى في مَشيهنَّ


.

( 64 ) فأدْبَرْنَ كالجـِزْع المُفصَّل بَيْـنـَـهُ ... بـِجـِيـدٍ مُعَـمِّ في العَشِيرَةِ مُخـْوَل


الجزع : الخرز اليماني . الجيد : العنق ، والجمع الأجياد ، ورجل أجْيَدْ طويل العنق ، وجمعه جود . المُعَمّ :
الكريم الأعمام . المُخوَل : الكريم الأخوال ، وقد أعمَّ وأخوَل إذا كرُمَ أعمامه وأخواله ، وهذان من الشواذ لأنَّ
القياس من أفعل فهو مُفعِل ، أمَّا في حالهما فهو أفعل فهو مُفعَل


.

يقول : فأدبرت النعاج كالخرز اليماني الذي فـُصِل بينه بغيره من الجواهر في عـنق صبي كرُم أعمامه وأخواله
شبَّه بقر الوحش بالخـرز اليماني لأنـه يَسْوَدّ طرفه وسائره أبيض ، وكذلك بقر الوحش تسْوَدّ أكارعها وخدودها
وسائرها أبيض ، وشرط الشاعر كونه في جيد فتى مُعَمّ مُخوَل لأنَّ جواهر قلادة مثل هذا الصَّبي أعظم من جواهر
قلادة غيره ، وشرط كونه مُفصَّلا ً لتفرّقهنَّ عند رُؤيَتهِ


.

( 65 ) فـألـْحَـقـَـنا بالهَــادِيـَـاتِ وَدُونــَـهُ ... جَـوَاحِـرُهَــا في صَـرَّةٍ لـم تـُزيَّــل


الهاديات : الأوائل المُتقدِّمات . الجواحر : المُتخلفات ، وقد جحر أي تخلف . الصَّرَّة : الجماعة ، والصَّرَّة
الصَّيحة ، ومنه صرير القلم وغيره . الزَّيل والتـَّزييل : التـَّفريق ، والتـَّزيّل : الانزلاق والتـَّفرّق


.

يقول : فألحَـقـَنا هذا الفرس بأوائل الوحش ومُتقدِّماته وجاوز بنا مُتخلفاته فهي دونه أقرب منه في جماعة
لم تتفرَّق أو في صيحة ، وتلخيص المعنى : أنهُ يُلحِقـُنا بأوائل الوحش ويدع مُتخلفاته وذلكَ ثقة بشدَّةِ جريه
فيُدركُ أوائلها وأواخِرها مجتمعة لم تتفرَّق بعد ، يُريد أنهُ يُدركُ أوائلها قبل تفرّق جماعتها ، يصِفه بشدَّةِ عدوه


.

( 66 ) فعـَـادى عِداءً بين ثوْر ونعجةٍ ... دِرَاكاً ولم يَنـْضـَحْ بـِمَـاءٍ فيُغـْسَـل
المُعاداة والعــداء : المُـوَالاة . الثــور يُجمع على الثيران والثـَّيَــرَة والثِــوَرَة والثـَّـيْـرات والأثـوار والثـِّيار .
الدراك : المُتابعة


.

يقول : فوالى بين ثور ونعجة من بقر الوحش في طـَـلـْق واحد ولم يعرق عرقاً مُفرطاً يغسل جسدهُ ، يُريد
أنه أدركهما وقتلهما في طلق واحد قبل أن يعرق عرقاً مُفرطاً ، أي أدركهما دون مُعاناة مشقة ومُقاساة شِدَّة
وقد نسب فعل الفارس إلى الفرس لأنه حامله ومُوصِلهُ إلى مَرَامِهِ ، يقول : صاد هذا الفرس ثوراً ونعجة في
طلق واحد . ودِرَاكاً : أي مُدَاركة


.

( 67 ) فظلَّ طـُهاة ُ اللـَّـحْم منْ بَيْن مُنضِج ٍ ... صَفِـيـفَ شِـواءٍ أوْ قــَـدِيــــر مُعَجَّـل
الطـَّهو والطـَّهي : الإنضاج ، والفعل طها يطهو ويطهى ، والطـّـُـهاة : جمع طاه كالقضاة جمع قاض والكـُفاء
جمع كافٍ . الإنضاج : يشتمل على طبخ اللحم وشيِّه . الصَّفيف : المصفوف على الحجارة لينضج . القدير :
اللحم المطبوخ في القدر


.

يقول : ظلَّ المُنضجُون اللحم وهم صنفان صنف يُنضجون شواءً مصفوفاً على الحجارة في النار وصنف
يطبخون اللحم في القدر ، يقول : كثـُرَ الصَّيد فأخصب القوم فطبخوا واشتووا ، ومن قوله : من بين مُنضج
للتفصيل والتفسير ، كـقـولهم : هُـم من بيْـن عالم وزاهد ، يُريد أنهم لا يعدون الصِّنفين ، كذلكَ أراد لم يَعْـدُ
طهاة اللحم الشـَّـاويـــن والطــَّـابخيــــن


.

( 68 ) وَرُحْـنا يَـكادُ الطـَّـرفُ يَقـصُـرُ دُونـَهُ ... مَتى مَا تـَــرَقّ العَـيْـنُ فـيــهِ تـَسَـفـَّـل


الطـَّـرف : اسم لما يتحرَّك من أشفار العين ، وأصله التحرك ، والفعل منه طرف يطرف . القصور : العجز
والفعل قصُرَ يقصُرُ . الترقـِّي والارتقاء والرّقيّ واحد ، والفعل من الرّقي رَقِيَ يَرْقى ، وأمَّا رَقى يَرْقى فهو
من الرّقيةِ ، وقد رقــَّيـْـتــُـه أنا أيْ حَملته على الرّقيِّ


.

يقول : ثمَّ أمسينا وتكاد عيوننا تعجز عن ضبطِ حُسْنهِ واستقصاء مَحَـاسِن خـَـلقِهِ ، ومتى ما ترقـَّـت العين
في أعالي خلقه وشخصه نظرت إلى قوائمه ، وتلخيص المعنى : أنه كامل الحُسن رائع الصّورة وتكاد العيون
تقصر عن كـُنـْهِ حُسْنهِ ومهما نظرت العيون إلى أعالي خلقه اشتهت النظر إلى أسافلهِ


.

(69 ) فـَبَـاتَ عَـلـَيـْـهِ سَرْجُــهُ ولِجَـامُــهُ ... وَبَـاتَ بعَـيْـنِـي قائِـماً غـَيْــرَ مُـرْسَـل
يقول : بات الجواد مُسرجاً مُلجماً قائماً بين يديَّ غير مُرسَـل إلى المرعى .


يتبعُ إن شاءَ اللهُ تعَـالى

تحيــَّــاتي


الساعة الآن 06:02PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية