شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري

شبكة رهب الأدبية-ريما محمد السديري (http://www.rhb-reema.com/vb/index.php)
-   خــلوة الــبــوح (http://www.rhb-reema.com/vb/forumdisplay.php?f=74)
-   -   مدونتي - ياليت تثبت مع وافر تقديري (http://www.rhb-reema.com/vb/showthread.php?t=26485)

خذ العلم مني 01-13-2011 04:28PM

http://www.rwlh.net/vb/images/bismillah1.jpg
هناك أبيات تميزت بملامستها لأعماق الناس وقربها من همومهم وقضاياهم حيث جاءت بأسلوب مطابق لما يريدون التعبير عنه فظلت عالقة في الأذهان والعقول وحفظها الناس وتناقلوها حتى يومنا هذا لتضرب بها الأمثال في الأحداث والمناسبات المشابهة، ومما قيل في الحكمة والنصح والارشاد هذه الدرر الثمينة من المقتطفات الشعرية:

أحفظ دبشك اللي عن الناس مغنيك
اللي ليا بان الخلل فيـك يرفـاك

وأعرف ترى مكة ولاها بناخيـك
لو تطلبه خمسة ملاليم ما أعطاك

والحر مثلك ما يصحـب الديـك
وإن صاحبه عاعا معاعات الأدياك

بركات الشريف

ليا عاد ما للرجّال رأيٍ يدله
يأخذ من أشوار الرجال دليل

الشريف جري الجنوبي

من عوّد العين المنـام تعـوّدت
ومن عوّد العين المساري تعاود

ومن عوّد الصبيان أكـل بيتـه
عاودوه في عسر الليالي الشدايد

راشد الخلاوي

النوم رأس اللوم بان الردى بـه
واللي يبي الطولات نومه شلافيح

الذيب ما يرقـد ورزقـه نهابـه
يدوّر الغرات عنـد المصاليـح

واللي يبا الطولات يتعب ركابـه
والعز بأكوار النضا ياهل الفيـح

مريبد العدواني

فتـى بـلا عـزم حياتـه مذلـة
والعزم لقلـوب الرجـال طبيـب

من لا صبر بالعسر ما ذاق يسرها
وباب الفرج للصابريـن قريـب

محمد الأحمد السديري

مقام الفتى في منصب العز ساعة
ولا ألف عام يصحب الذل صاحبه

راشد الخلاوي

المراجـل مـا تهيّـا هالسّويـا
كود من عض النواجذ في سنونه

عبدالله القريفة

الظفر ساعه وإن حلّ ماجوبه
والمراجل لها حزّات ورجالي

ضيدان العارضي

الحمّـرة تـدرك معوشـة عيالهـا
وألا الرجل يبغى منه بعض الأحوال

خلف أبو زويد الشمري

ليا صار ما توفي عميلك من الصاع
ما ينقعد لك عند حصـن النواهيـم

شبرٍ من البيداء يعوّضك بالافـزاع
وسود الليالي يبعدنّك عـن الضيـم

سعدون العواجي

من لا يديس الرأي من قبل ما ديس
عليـه داسـوه العيـال القرومـي

ومن لا يقلّط شذرة السيف والكيس
يبدي عليه مـن الليالـي ثلومـي

والقصر ما يصلح على غير تسييس
ومن لا تعلم مـا تفيـد العلومـي

تركي بن حميد

الناس ما تسقيك لا صرت عطشـان
ولا يشرب المضمي كود من ذراعه

أضرب على الكايد ليا صرت بحلان
وعند الولي وصل الحبل وإنقطاعـه

عيبٍ على اللي يتقي عقب ما بـان
وعيبٍ طمان النفس عقب إرتفاعـه

عبيد العلي الرشيد

من حل دار النـاس حلّـوا ديـاره
لابـد مـا تسكـن ديـاره ويغبـن

ومن شق ستار الناس شقوّا ستـاره
ومن ضحك بالثرمان ضحك بلا سن

شالح بن هدلان

حيٍ يورّيك المذلـة وتغليـه
أنا أشهد إنك ميت القلب عامي

من لا يوّدك لا توّده وترجيـه
أرفع مقامك يا عزيز المقامي

محمد الأحمد السديري

الضرس يعبى له عن السهر مقلاع
حتى تنام العين مـا هـي طلابـه

خلف الأذن

أنا أشهد إن بقصرة الرجل نوماس
لا صار ما للرجل داعيٍ دعاهـا

مبارك بن عبيكة

لا تأخذ الدنيا خراصٍ وهقوات
يقطعك من نقل الصميل البرادي

لك شوفةٍ وحده وللناس شوفات
ولا واديٍ سيله يفيض بـوادي

عبدالله بن سبيّل

لا يأمن المظهود جمع المعـزة
ولا يأمن الجمع العزيز الظهايد

أيضا وبيت الفقر لا يأمن الغنى
وبيت الغنى لا يأمن الفقر عايد

راشد الخلاوي

ليا خاب ظنك بالرفيق الوالي
ما لك مشاريهٍ على نايد الناس

محمد الأحمد السديري

يا بايعٍ جوخٍ على غيـر أهاليـه
مثل الذي ينزل بقصـرٍ خرابـه

ولد الردي لو طاب لك لا تماشيه
يومين والثالث يبين الـردى بـه


مشعان بن هذال

لعل قصرٍ ما يجـي لـه ظلالـي
ينهد مـن عالـي مبانيـه للسـاس

لا صار ما هو مدهـلٍ للرجالـي
وملجأ لمن هو يشكي الضيم والباس

محمد الأحمد السديري

أحدٍ على جـاره بختـري ونـوّار
وأحدٍ على جـاره صفـاةٍ محيفـه

خطو الولد مثل البليهي ليـا ثـار
زودٍ على حمله نقل حمـل أليفـه

وخطو الولد يا مال قصّاف الأعمار
لا نافـعٍ نفسـه ولا منـه خيفـه


مقحم النجدي الصقري

شبعنا وشبع الذّر مـن زاد سورنـا
وللـذّر فـي زاد الكـرام معـاش

يعطي العطى من كان ضاريٍ للعطى
ويمنّ العطى من كـان خالـه لاش

ومن لا يعرّب منسبه قبـل منشبـه
تـروح عليـه عيـلانـه بــلاش


شقير الدويش

...........

عرّب وليدك عرّبـه
والنار من مقباسهـا

والعز بوروك النساء
اللي عريبٍ ساسهـا

بنت الردي لا تأخذه
لو هو طويلٍ رأسها

............

لا تأخذ الهزلا على شأن مالها
ولا تقتبس من نارهم بالوقايـد

لا تأخذ ألا بنت قومٍ حميـده
لعل ولدٍ منها يجـي بالفوايـد


راشد الخلاوي

أبا أنذر اللي من ربوعي يبا الطيب
لا يأخذ ألا من بيـوت الشجاعـه

يجي ولدها مـذربٍ كنّـه الذيـب
عزٍ لأبوه وكل مـا قـال طاعـه

وبنت الردي يأتي ولدها كما الهيب
غبـنٍ لأبـوه وفاشلـه بالجماعـه

يا كبر زوله عند بيت المعازيـب
متحـريٍ متـى يقـدم متـاعـه


شالح بن هدلان

الطيب ما هو بس للضاعنينا
قسّم على كل الوجيه المفاليح

بداح العنقري

ما مال ألا فارغٍ من كسرها
ولا حي ألا مقتفيه المماتي

سعدون العواجي

لولا الهرم والفقر والثالث الموت
يا الآدمي بالكون يا عظم شأنـك

لولا الثلاث وشأن من قدّر الفوت
نفذّت كل اللـي يقولـه لسانـك

محمد الأحمد السديري

أيامنـا والليالـي كـم نعاتبـهـا
شبنا وشابت وعفنا بعض الأحوالي

بديوي الوقداني

نعد الليالي والليالي تعدنا
العمر يفنى والليالي بزايد


راشد الخلاوي


شابت لحانـا مـا لحقنـا هوانـا
وعزي لمن شابت لحاهم على ماش

مناحي بن معدل السهلي

وأخير منها ركعتين بالأسحار
لا طاب نوم اللي حياته خساره

تركي بن حميد

يا دحيم ريضان الجماعة مريفـه
واللي مع الأجناب كنّه على نار

الطير بالجنحان ما أحلا رفيفـه
وليا إنكسر حدا الجناحين ما طار

ويمنى بلا يسرى تراها ضعيفـه
ورجلٍ بلا ربعٍ على الغبن صبّار

عبدالله بن سجوان الرويس

والله يا لولا العظم يومنـي أمـلاه
أكويه بالجمرة ويكوي جروحـي

مع دلةٍ صفرا على النـار مركـاه
أقصر بصبتها على كيف روحـي

فنجالها يشدي خضـاب الخونـداه
الجادل اللي عند أهلهـا طموحـي

عدّه لمن يثنـي خـلاف المخـلاه
فكاك بالضيقـات راع اللحوحـي

وعدّه لقـرمٍ مـا تونـي مطايـاه
يضوي ولو صكت عليه النبوحـي

وعدّه لمن تدفـق السمـن يمنـاه
عيدٍ لربعه بالزمـان الشحوحـي

وباقي الرجال فحول نسوان ورعاه
ضباط مال وحافظين السروحـي

ذعار بن مشاري بن ربيعان

لا شفت خطو الظول بالك تعسّه
وإن فارقك شر المخاليق خلّـه

لو عندنا من غيب الأيام رسّـه
الآدمي مصلـوح نفسـه يدلّـه

محمد بن مهلهل بن شعلان

من صد عني له الطاروق خليته
عيبٍ على البنات الناس يبلاهـا

محمد بن حجي المطيري


من عافنا عفناه ولو كان غالـي
ومن باعنا بالرخص بعناه بزهود


مزنة بنت مكازي


برقٍ مصدٍ لو مزونـه لهـا نـور
لا تستخيله لـو ربيعـك شفاقـه

من لا استشارك لا تعدّي له الشور
ومن لا يوّدك نور عينـك فراقـه


الدقيس الجمّيليّه


الزول زولـه والحلايـا حلايـاه
والفعل ماهوب فعل واف الخصايل


زوجة وديد بن عروج


يا عين هلي صافي الدمع هليه
وليا انتهى صافيه هاتي سريبه

اللي يبينا عيّت النفس تبغيـه
واللي نبي عيّا البخت لا يجيبه

نورة الحوشان

خذ العلم مني 01-13-2011 04:29PM

كلنا نسمع بالمثل اللي يقول :
"ضعنا بين حانا ومانا "



يحكى أن رجلا تزوج بامرأتين.. الكبيرة عمرها 60 سنة تدعى"حانا".. والصغيرة عمرها 20 سنة تدعى "مانا".. وكان البياض يخالط السواد في لحية هذا الرجل .. فكان إذا دخل عند الكبيرة أخذت"تنتف" الشعر الأسود من لحيته وتترك الأبيض، وتقول له:" إنت رجل جليل القدر والشعر الأسود لا يليق بسنك الكبير"!!


وحينما يذهب للصغيرة تقوم بـ"نتف" الشعر الأبيض قائلة له:" أنت شباب والشعر الأبيض لا يليق بشاب مثلك"!!


شعرة تنتف من هنا.. وشعرة تنتف من هناك.. ليكتشف صاحبنا، بعد فترة من الزمن، أنه فقد لحيته التي أصبحت أثرا بعد عين.. فقال مقولته التي ذهبت مثلا:" بين حانا ومانا ضاعت لحانا"!!



خذ العلم مني 01-13-2011 04:31PM

بســم الله الـرحمــن الرحيــم..


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه،،

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين..
لاشك بأن التقدم في السن هو تحول طبيعي فيزيولوجي يصيب كل إنسان يتقدم به العمر ويترافق مع متغيرات طبيعية، منها ما هو بديهي كالشعر الأبيض والتجاعيد وضعف القوة... لكن التحولات التي تصيب الأجهزة الداخلية غير المرئية تجعل من كبير السن شخصاً أكثر ضعفاً وأقل مقاومة لكل الأمراض.
ولعل التحولات الاجتماعية التي يتعرض لها كبير السن كالتقاعد والترمل والوحدة والفراغ تساهم أيضاً في إضعافه، كما أنها تؤثر على حالته النفسية المرتبطة عنده ارتباطاً وثيقاً بحالته الجسدية. من هنا فإن أبرز المشاكل الصحية التي يواجهها كبير السن هي الاكتئاب، الخرف والألزاهايمر، والأمراض المزمنة العضوية الأخرى كترقق العظام، الضغط السكري، أمراض الأجهزة الحسية كضعف السمع والماء الزرقاء، وأمراض الجهاز الهضمي كالإمساك المزمن وفتق المعدة وأمراض الكلى والمسالك البولية، وخصوصاً غدة البروستات عند الرجال والسلس البولي عند النساء وأمراض الغدد وخصوصاً الدرقية وأمراض الجهاز التنفسي كالانسداد الرئوي المزمن، إلى متغيرات الشكل الخارجي المتعلقة بالمتغيرات الجلدية والشعر والأظفار.
الزاهايمر:
يعتبر الزاهايمر من أكثر أنواع الخرف شيوعاً، حيث تزيد نسبة الإصابة به مع التقدم في العمر حيث تراوح النسبة بعد سن الـ65 بين 5 و 10 في المئة وترتفع إلى 50 في المئة بعد عمر الـ85 سنة.
أسبابه المباشرة مجهولة، يحدث تغيرات في الخلايا الدماغية مما يؤدي إلى تلفها. والمنطقة الدماغية التي يصيبها المرض هي المسؤولة عن الذاكرة. لذلك فالعوارض الأولى للمرض هي تراجع الذاكرة القريبة المدى، كنسيان مواعيد البارحة أو فطور الصباح وغيرها، ومع تطور المرض تظهر اضطرابات في المزاج والتصرفات تؤثر على الحياة العائلية والعملية والاجتماعية للمريض.
ما زال تشخيص المرض يعتمد بالدرجة الأولى على المعاينة السريرية واختبارات الذاكرة، بدءً بالتقييم الذهني المختصر المعتمد عالمياً، والذي يجيب فيه المريض عن مجموعة من الأسئلة تختبر ذاكرته، تبدأ بأسئلة عن الزمان والمكان ثم أسئلة حسابية ولغوية وحتى التعبير بالرسوم وغيرها، وكل هذه الاختبارات تكوّن لدى الطبيب صورة إجمالية عن درجة الإصابة إذا وجدت،ومن الضروري جداً إجراء فحوص مخبرية شاملة وصور للدماغ لإزالة احتمال الإصابة بأمراض عضوية أخرى تؤثر على الذاكرة. من هنا يجب عدم الاستهتار بشكاوى كبار السن أو محيطهم من مشاكل في الذاكرة واعتبارها جزءً من الشيخوخة الطبيعية، بل بالعكس يجب استشارة الطبيب لتحديد المرض المسؤول عن هذه المشاكل وعلاجه.
تصنيف مرض الألزاهايمر:
- المرحلة الأولى:
تتميز بعوارض خفيفة تصيب الذاكرة القريبة وكذلك التصرفات والمزاج واللغة التعبيرية. وعادة يستهتر المريض ومحيطه بهذه العوارض ولا يستشير الطبيب، لأن الذاكرة البعيدة لا تزال جيدة. فقد يتذكر المريض أسماء أصدقائه في المدرسة أو أساتذته أو حوادث دقيقة مرت عليه في طفولته.
- المرحلة الثانية:
تتطور فيها عوارض المرحلة الأولى وتصبح أكثر وضوحاً وتؤثر أكثر فأكثر على حياة المريض في جوانبها كلها، من استقلالية ذاتية وتفاعل مع المحيط العملي والعائلي والاجتماعي. في هذه المرحلة تبدأ عوارض جديدة بالظهور كالأرق والقلق ومشاكل في التنقل وتغيرات حادة في المزاج والسلوك قد تكون عنيفة مثلاً، أو بالعكس سلبية جداً، إلى اضطرابات في التغذية وفي الجهاز البولي. وكل هذه الاضطرابات تدفع بالعائلة إلى استشارة الطبيب في هذه المرحلة حيث يصبح التجاوب مع العلاج أصعب.
في حال الاكتشاف المبكر للمرض يكون التجاوب مع العلاج أفضل بكثير ويؤدي إلى عدم تطوره في اغلب الأحيان، فيحافظ المريض على استقلاليته الذاتية في أمور حياته اليومية ومنهم من يبقى يمارس عمله. لكن تطور المرض إلى المرحلة الثانية يفقد المريض استقلاليته الذاتية ويحوله إلى معتمد على الآخرين في كل تفاصيل حياته، وبالتأكيد إلى تراجع حاد في القدرات الذهنية.
- المرحلة الثالثة:
يفقد المريض فيها معظم قدراته الذهنية فينسى أسماء أقرب المقربين حتى اسمه في بعض الأحيان وصورته في المرآة، كما تضعف قدراته الجسدية عموما فيصبح طريح الفراش معظم الأحيان، مما يعرضه لنكسات صحية كالجلطات والالتهابات التي قد تؤدي إلى الوفاة.
ويمتد تطور المرض بمراحله الثلاث من سنتين إلى 12 سنة، ويكون التراجع تدريجاً ويعتمد بالطبع على الاكتشاف المبكر ثم التجاوب مع العلاج. ولطريقة الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية دور كبير وفعال في تأخير تدهور حالة المريض.
تلعب الذاكرة العاطفية دورا مهما في العلاج، ويحافظ عليها المريض حتى آخر أيامه، فهو يميز بين الابتسامة والتجهم ويتجاوب مع التودد وينفر من القساوة. لذلك يجب أن يكون مبدأ الرعاية مبنيا على المحبة والعاطفة والرأفة.
وثمة علاجات خاصة بمرض الألزاهايمر تؤخر تطور المرض وقد تحد منه، وهناك علاجات للعوارض الأخرى المرافقة للمرض كالقلق والأرق والاكتئاب والانفعال وغيرها،وتعتبر الرعاية الاجتماعية والنفسية أساساً في العلاج ولا تقل أهمية عن الأدوية. من هنا برزت في معظم مجتمعات العالم الجمعيات الأهلية التي تعنى بالمريض وتساند أهله وتشجعهم على التحدث عن المرض والابتعاد عن التمييز الذي يؤخر في حالة المريض.

الاكتئاب:
تعتبر الظروف الاجتماعية لكبير السن بالإضافة إلى التحولات الفيزيولوجية المرافقة للتقدم بالعمر كنقص مادة السيروتونين في الدماغ من ابرز العوامل المؤدية إلى الإصابة بمرض الاكتئاب المنتشر أكثر في مرحلة الشيخوخة منه في مرحلة الشباب، فتراوح النسبة من 15 إلى 20 في المئة عند سائر كبار السن، وتصل هذه النسبة إلى 50 في المئة في دور الرعاية.
عوارض هذا المرض تتشابه في جزء منها مع عوارضه في المراحل العمرية الأخرى كالحزن الدائم وعدم الاكتراث لما يدور حول المريض، ولكنها تتميز عند كبير السن بعوارض خاصة كالتراجع في القدرات الذهنية مما قد يجعلنا نشك في وجود مرض مثل الألزاهايمر، بينما السبب الرئيسي لهذه العوارض هو مرض الاكتئاب.
وهناك نوع من الاكتئاب المنتشر عند كبار السن وهو "الاكتئاب المقنع"، حيث يخبئ المريض عوارض مرضه بوجهه البشوش والمازح. يشار إلى أن الانتحار الناتج من مرض الاكتئاب مرتفع أكثر عند كبار السن منه عند الشباب، وخصوصاً الانتحار العنيف.
ورغم قساوة هذا المرض والآثار السلبية الناتجة منه فعلاجه في أغلب الأحيان يكون سهلاً مرتكزاً على علاج دوائي ونفسي بسيط، وخصوصاً الدعم الاجتماعي.
أمراض الجهاز الحركي:
يعاني كبير السن تحولات تصيب الجهاز الحركي من عظم ومفاصل وعضلات، وكذلك متغيرات في الجهاز العصبي مما يؤثر على القدرة الحركية والتنقل ويعرض المريض المسن لمضاعفات خطيرة كالسقوط وبالتالي الكسور، وخصوصاً كسر الورك، ولعل أبرز الأمراض التي تصيب العظم مرض ترقق العظم الواسع الانتشار في مرحلة الشيخوخة، وخصوصاً عند مرحلة انقطاع الحيض عند النساء، ولكن هذا لا يعني أن الرجال بمنأى عن الإصابة بهذا المرض وخصوصا مع تقدمهم في السن، لأن تكوين العظم يتغير ويصبح أكثر هشاشة وعرضة للكسور.
كيف نعتني بمريض ترقق العظام؟
من المعروف أن ثمة علاجات دوائية فعالة تخفف من احتمال الإصابة بالكسور ولكن لا تلغيها، لذلك يجب أن يعتمد العلاج ليس فقط على الدواء بل على كل ما يجنب المريض التعرض لصدمات تؤدي إلى كسر في عظم هش وخصوصاً السقوط.
وأسباب السقوط كثيرة وعلى الطبيب البحث عنها إذا تعرض لها المريض، وخصوصاً من دون كسر، حتى لا تتكرر وتؤدي إلى كسور قد تودي بحياته.
ومن أبرز هذه الأسباب: التهابات المفاصل، هبوط ضغط الدم، ضمور العضلة الناتج من قلة الحركة، سوء التغذية، الرجفة، مرض الباركنسون، الأمراض الحسية وخصوصاً النظر، العلاج غير الدقيق لمرضى السكري والضغط، وغيرها من الأسباب التي يمكن، إذا ما قومها الطبيب وعالجها بشكل صحيح، أن تحمي المريض من خطر السقوط وبالتالي من الكسر، وخصوصاً إذا ما كان يعاني الترقق.
إن الانعكاس النفسي للسقوط عند كبير السن عميق جداً، ويجعله يفقد الثقة بقدراته الجسدية وبالتالي يرفض التنقل والخروج فيبقى منزوياً في غرفته وحيداً ويجعله ينقطع عن التفاعل مع العالم الخارجي، ما يعرضه إلى مرض الاكتئاب ومضاعفاته، ومن هنا فإن الوقاية من السقوط عند كبار السن لا تقل أهمية عن العلاج الدوائي، وهذه الوقاية يجب أن تكون في مراكز متخصصة من فريق طبي متكامل.
طب الشيخوخة و نوعية حياة كبير السن؟
من المعروف أن أكثر الأمراض انتشاراً عند كبار السن هو ارتفاع الضغط الشرياني، ولكنه ليس المرض الخاص بكبير السن، كذلك الأمراض الأخرى كالسكري والقرحة وغيرهما. ولكن المهم في اختصاص طب الشيخوخة هو تقويم الحالات الصحية للمريض لتحسين نوعية حياته، لأنه الهدف الأول لطبيب الشيخوخة، فعلاج مرض الضغط مثلاً قد يرتكز على أدوية مدرة للبول وقد يؤدي إلى علاج ضغط المريض. ولكن إذا كان الجهاز البولي عنده ضعيفاً وهشاً نتيجة التقدم في السن وحالات أخرى كالولادات المتكررة أو جراحات البطن أو الالتهابات المزمنة، فإن هذا المريض يتعرض إلى فقدان القدرة على التحكم في البول وبالتالي يكون شفي من الضغط، ولكن أصيب بالسلس البولي.
من هنا يرتكز طب الشيخوخة على ما يعرف بالتقويم العام والشامل لكبير السن الذي يدرس بدقة الوظائف الأساسية عند المريض كالقدرة على التنقل، والحالة النفسية والقدرات الذهنية والقدرة على التغذية وعلى التصريف البولي والهضمي. لذلك يدرس الاختصاص حالة متكاملة، وليس مرضاً منفصلاً في جهاز معين.
ثمة سبل وقائية كثيرة تمكن الإنسان من التمتع بصحة جيدة رغم تقدمه في السن. فنحن نشيخ كما تعودنا أن نعيش، أي أن لنمط الحياة في الصبا تأثيراً على نمط الشيخوخة، ولكن الطب الوقائي في كل مراحل الحياة له تأثيراته الايجابية .
نصائح لتحسين نمط الحياة:
- التشدد في علاج الأمراض المزمنة وعدم التساهل بحجة كبر السن، وخصوصاً أمراض الضغط والسكري والقلب والشرايين وترقق العظام والاكتئاب وغيرها.
- الاهتمام بالأمراض التي قد تصيب الحواس، وخصوصاً السمع والبصر، والعلاج في أغلب الأحيان يكون سهلاً ويؤثر كثيراً على تواصل المسن مع محيطه.
- الغذاء المتوازن الغني بالماء وبالبروتينات لأنها تنقص عند كبير السن ويضعف حجم كتلته العضلية حتى 40 في المئة، مما يؤثر جداً على قدرات المسن الحركية، كذلك يجب أن يكون الغذاء غنياً بالألياف والخضار والفاكهة، وخصوصاً الطازجة والنيئة منها لأنها تحوي أكبر قدر من الفيتامينات والأملاح المعدنية. وفي بعض الأحيان يضطر الطبيب إلى استعمال المكملات الغذائية والمقويات، ولكن من المعروف أن مادة الكالسيوم والفيتامين "د" يقدمان عموما لجميع كبار السن كمكمل غذائي إلا في حالات خاصة.
- النشاط الجسدي المنتظم الملائم لصحة المريض. ولعل النشاط الأبرز هو رياضة المشي. من هنا أهمية الوقاية من السقوط، كما أن السير يحسن من الكثافة العظمية وفوائده كثيرة على القلب والشرايين وحتى الدماغ والقدرات الذهنية والجهاز الهضمي.
- يجب ألا يتقاعد الإنسان فكرياً حتى لو تقاعد في عمله. لذا يجب أن يهتم دائماً بما يجري من حوله فيتابع الأخبار ويقرأ الصحف ويمارس الرياضات الذهنية المختلفة كالكلمات المتقاطعة وغيرها من الألعاب الذهنية كالشطرنج والورق وطاولة الزهر.
- على كبير السن أن يهتم بالحياة الاجتماعية فلا يبقى معزولاً وحيداً، وعليه أن يجد اهتمامات في الحقول التي تستهويه حتى يشعر بقيمته الذاتية.
- لتعايش كبير السن مع عمره أهمية كبيرة، فإذا رفض أي من المتغيرات في شكله الخارجي أو في قدراته المختلفة، فيجب مساعدته على تحسينها، فإذا كان متضايقاً من شعره الأبيض فالحل بسيط، ومن التجاعيد فالحلول متعددة. المهم التحدث بصراحة مع الطبيب عن المشاكل التي تقلق كبير السن حتى الحميمة منها لان لكل مشكلة حلاً.


منقول


خذ العلم مني 01-13-2011 04:33PM

بســم الله الـرحمــن الرحيــم


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته :

هذه محاولة لإلقاء الضوء على المعلقات السبع ، مع تعريف بقائليها ، وشرح لأبياتها ، أسأل الله التوفيق والسّداد .

( 1 )

امرؤ القيس بن حجر الكندي

كان جندح المعروف بلقبه : امرىء القيس أصغر أبناء حجر بن الحارث الملك على بني أسد ، فنشأ في نجد أميراً ثم ألف التنقل من نضر من أصحابه
وأترابه في أحياء العرب للهو والصيد . ويذكرون أن أباه طرده لأنه كان يقول الشعر ، ولأنه كان ميالاً غلى القصف والفسق .


ولما قتل بنو أسد حجر بن الحارث فرّ امرؤ القيس فيمن فرّ من المعركة ، وأراد امرؤ القيس الأخذ بثأر أبيه ، فطاف في أحياء العرب يطلب المساعدة
فلم يعنه أحد فالتجأ إلى أخويه شرحبيل ، وسلمة فأعطياه قوماً يدرك بهم بعض ثأره ، فلم يتمّ له شيء ، فقيل : سار إلى اليمن وموطن أهله فلم يوفق
أيضاً .

وفي عام 84 ق . هـ ( 538 م ) سار امرؤ القيس إلى القسطنطينيّة ، قيل : بكتاب توصية من الحارث إبي شمّر الغسّاني ، إلى قيصر يوستنيانوس
الأوّل ، وقيل : أراد يوستنيانوس أن يساعد امرأ القيس بجيش يوطد به نفوذ الروم على تخوم بلاد العرب في وجه الفرس ، ولكن البرابرة كانوا في
ذلك الحين يهددون تخوم الإمبراطورية الرومية ( البيزنطية ) نفسها ، فلم يستطع قيصر مساعدة امرؤ القيس فعاد امرؤ القيس خائباً في شتاء 72
ق . هـ ( 540 م ) ، فلما وصل إلى مقربة من مدينة أنقرة أصيب بالجدري ومات .

يوم دارة جلجل

سمع امرؤ القيس أن ابنة عمّه فاطمة ( عنيزة ) قد ذهبت مع صواحب إلى غدير في دارة جلجل ليبتردن ( يغتسلن بالماء البارد ) فلحق بهنّ
وأدركهنّ في الماء ، فجمع ثيابهنّ ثم قال لهنّ : لن أعطي إحداكنّ ثيابها إلا إذا خرجت وهي عارية وأخذتها مني .
وأمسى العذارى وخفن البرد والتأخر عن أهلهنّ فبدأن يخرجن واحدة واحدة ويأخذن ثيابهن ، وبقيت عنيزة متردّدة ، ثم أدركت أن امرأ القيس
لن يرجع عن عزمه فخرجت إليه وأخذت ثيابها منه .

عندئذ قام امرؤ القيس إلى ناقته ونحرها للعذارى فأكلن ، ولما حان وقت الرجوع ولم يكن مع امرىء القيس ناقة يركبها اختار أن يركب مع عنيزة في هودجها .

وامرؤ القيس أقدم الشعراء الذين وصلت أخبارهم تامّة . وهو شاعر وجدانيّ قدّمه النقاد على معاصريه من شعراء الجاهليّة ، وعلى جميع الشعراء الذين جاؤوا
بعده . وهم يحتجّون لذلك بأنه أوّل من وقف على الأطلال ، وأوّل من شبّه النساء بالغزلان ، والخيل بالعقبان ، وأوّل من وصف الليل والخيل والصّيد . ثم هو واسع الخيال لتقلبه في النعيم ، ولكثرة أسفاره في البادية والحضر .

وفنون امرىء القيس هي الغزل والنسيب والوصف ، وصف الطبيعة . أما نسيبه خاصّة فرائق رقيق عذب . وامرؤ القيس يحسن تحديث المرأة ويصرّح بالغزل ، وله شيء من الرّثاء والهجاء والمديح للشكر لا للتكسّب . وله رجز وقصيدة ، وقد نظم امرؤ القيس معلقته ليذكر حبّه لابنة عمّه ، وليذكر يوم دارة جلجل ، ومطلعها :

معلقة امرىء القيس

( 1 ) قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدّخول فحومل


خاطب الشاعر صاحبيه ، وقيل : بل خاطب واحداً وأخرج الكلام مخرج الخطاب للاثنين ، لأن العرب من عادتهم إجراء خطاب الاثنين على الواحد والجمع ، فمن ذلك قول الشاعر من الطويل :

فإن تزجراني يا بن عفان أنزجر ... وإن ترعياني أحم عرضاً ممنعاً

خاطب الواحد خطاب الاثنين ، وإنما فعلت العرب ذلك لأن أدنى أعوان الرّجل هم اثنان : راعي إبله وراعي غنمه ، وكذلك الرّفقة أدنى ما تكون ثلاثة ، فجرى خطاب الاثنين على الواحد لمرور ألسنتهم عليه ، ويجوز أن يكون المراد به : قف قف ، فإلحاق الألف أمارة دالة على أن المراد تكرير اللفظ كما قال أبو عثمان المازني في قوله تعالى : { قال ربّ ارجعون } المؤمنون 99 .. المراد منه : أرجعني أرجعني أرجعني ، جعلت الواو علماً مشعراً بأن المعنى تكرير اللفظ مراراً . وقيل : أراد قفن على جهة التأكيد فقلب النون ألفاً في حال الوصل ، لأن هذه النون تقلب ألفاً في حال الوقف ، فحمل الوصل على الوقف ، ألا ترى أنك لو وقفت على قوله تعالى : { لنسفعاً } العلق 15 قلت : لنسفعاً ؟ ومنه قول الأعشى من الطويل :
وصلّ على حين العشيّات والضحى ... ولا تحمد المثرين والله فاحمدا

أراد : فاحمدن فقلب نون التأكيد ألفاً ، يقال : بكى يبكي بكاءً وبكًى ، ممدوداً ومقصوراً . أنشد ابن الأنباري لحسّان بن ثابت رضي الله عنه شاهداً له من الوافر :

بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل

فجمع بين اللغتين ، والسقط : منقطع الرّمل حيث يستدق من طرفه ، والسقط أيضاً : ما يتطاير من النار ، والسقط أيضاً : المولود لغير تمام ، وفيه ثلاث لغات : سقط بفتح السين ، وسقط بكسرها ، وسقط بضمها في هذه المعاني الثلاثة . واللوى : رمل يعوجّ ويلتوي . والدخول وحومل : موضعان .
يقول : قفا وأسعداني وأعيناني ، أو قف وأسعدني على البكاء عند تذكري حبيباً فارقته ، ومنزلاً خرجت منه ، وذلك المنزل أو ذلك الحبيب أو ذلك البكاء بمنقطع الرّمل المعوّج بين هذين الموضعين .

( 2 ) فتوضح فالمقراة لم تعف رسمها ... لما نسجتها من جنوب وشمأل


توضح والمقراة موضعان وسقط اللوى بين هذه المواضع الأربعة . قوله : لم يعف رسمها ، أي لم ينمح أثرها . الرسم : ما لصق بالأرض من آثار الدّار مثل البعر والرماد وغيرهما ، والجمع أرسم ورسوم . وشمأل فيها ست لغات : شمال وشمأل وشأمل وشمول وشمل بتسكين الميم وشمل بفتح الميم . ونسج الريحين : اختلافهما عليها وستر إحداهما إيّاها بالتراب وكشف الأخرى التراب عنها .
يقول : لم ينمح ولم يذهب أثرها ، لأنه إذا غطتها إحدى الرّيحين بالتراب كشفت الأخرى التراب عنها ، وقيل : بل معناه لم يقتصر سبب محوها على نسج الرّيحين بل كان له أسباب منها هذا السبب ومرّ السنين وترادف الأمطار وغيرها ، وقيل : بل معناه لم يعف رسم حبّها من قلبي وإن نسجتها الرّيحان ، والمعنيان الأولان أظهر من الثالث ، وقد ذكرها كلها أبوبكر بن الأنباري .

يتبع شرح بقيّة أبيات المعلقة بإذن الله

تحيّاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:34PM

تكملة شرح معلقة امرىء القيس :

( 3 ) ترى بعر الأرآم في عرصاتها ... وقيعـانـها كـأنه حـبّ فـلـفــــــل

الأرآم : الظباء البيض الخالصة البياض ، واحدها رئم ، بالكسر ، وهي تسكن الرّمل .
عرصات في { المصباح } : عرصة الدّار ساحتها ، وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء ، والجمع عراص مثل كلبة وكلاب ، وعرصات مثل
سجدة وسجدات . وعن { الثعالبي } : كل بقعة ليس فيها بناء فهي عرصة ، وفي { التهذيب } : وسمّيت ساحة الدّار عرصة لأن الصبيان يعرصون
فيها أي يلعبون ويمرحون . وقيعان جمع قاع : وهو المستوي من الأرض ، وقيعة مثل القاع ، وبعضهم يقول : هو جمع ، وقاعة الدّار : ساحتها .
الفلفل قال في { القاموس } : ( كهدهد ، وزبرج ، حبّ هندي ) .
ونسب { الصّاغاني } الكسر للعامًة ، وفي { المصباح } : الفلفل بضمّ الفاءين ، من الأبزار ، قالوا : لا يجوز فيه الكسر .

يقول الشاعر : انظر بعينيك ترى ديار الحبيبة التي كانت مأهولة بأهلها مأنوسة بهم خصبة الأرض ، كيف غادرها أهلها وأقفرت من بعدهم أرضها
وسكنت رملها الظباء ، ونشرت في ساحتها بعرها حتى تراه كأنه حبّ الفلفل في مستوى رحباتها .


( 4 ) كأني غداة البين يوم تحمّلوا ... لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل

غداة في { المصباح } : والغداة الضّحوة ، وهي مؤنّثة ، وقال ابن الأنباري : لم يسمع تذكيرها ، ولو حملها حامل على معنى أوّل النهار جاز له
التذكير ، والجمع غدوات . البين : الفرقة ، وهو المراد هنا ، وفي { القاموس } : ( البين يكون فرقة ووصلاً ) ، قال الشارح : يبين بيناً وبينونة
وهو من الأضداد . اليوم : معروف ، مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها ، وقد يراد باليوم الوقت مطلقاً ، ومنه الحديث : ( تلك أيام الهرج ) أي
وقته ، ولا يختصّ بالنهار دون الليل . تحمّلوا واحتملوا بمعنى : أي ارتحلوا . لدى : بمعنى عند . وسمرات جمع سمرة بضمّ الميم : من شجر
الطلح . والحيّ : القبيلة من الأعراب ، والجمع أحياء . نقف الحنظل : شقه عن الهبيد وهو الحبّ ، كالإنقاف والانتقاف ، وهو أي الحنظل ، نقيف
ومنقوف ، وناقفه هو الذي يشقه .

والشاعر يقول : كأني عند سمرات الحيّ يوم رحيلهم ناقف حنظل ، يريد وقفت بعد رحيلهم في حيرة وقفة جاني الحنظلة ينقفها بظفره ليستخرج منها
حبّها . ( هذا الشرح ليس للزوزني )
.


( 5 ) وقوفاً بها صحبي عليّ مطيّهم ... يقولون : لا تهلك أسًى وتجمّل

نصب وقوفاً على الحال ، ويريد قفا نبك في حال وقف أصحابي مطيّهم عليّ ، والوقوف جمع واقف بمنزلة الشهود والرّكوع في جمع شاهد وراكع .
الصّحب : جمع صاحب ، ويجمع الصاحب على الأصحاب والصّحب والصّحاب والصّحابة والصّحبة والصّحبان ، ثمّ يجمع الأصحاب على الأصاحيب
أيضاً ثمّ يخفف فيقال الأصاحب . والمطيّ : المراكب ، واحدتها مطيّة ، وتجمع المطيّة على المطايا والمطيّ والمطيّات ، وسمّيت مطيّة لأنه يركب
مطاها أي ظهرها ، وقيل : بل هي مشتقة من المطو وهو المدّ في السّير ، ويقال : مطاه يمطوه ، فسمّيت به لأنها تمدّ في السّير ، ونصب أسًى
على أنها مفعول به .


يقول : لقد وقفوا عليّ ، أي لأجلي ، أو على رأسي وأنا قاعد عند رواحلهم ومراكبهم ، يقولون لي : لا تهلك من فرط الحزن وشدّة الجزع وتجمّل
بالصّبر . وتلخيص المعنى : أنهم وقفوا عليه رواحلهم يأمرونه بالصّبر وينهونه عن الجزع .


( 6 ) وإنّ شفائي عبرةً مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معوّل ؟

المهراق والمراق : المصبوب ، وقد أرقت الماء وهرقته وأهرقته أي صببته . المعوّل : المبكى ، وقد أعول الرّجل وعوّل إذا بكى رافعاً صوته به ،
والمعوّل : المعتمد والمتكل عليه أيضاً . العبرة : الدّمع , وجمعها عبرات ، وحكى { ثعلب } في جمعها العبر مثل بدرة وبدر .

يقول : وإنّ برئي من دائي وممّا أصابني وتخلصي ممّا دهمني يكون بدمع أصبّه ، ثمً قال : وهل من معتمد ومفزع عند رسم قد درس ، أو هل موضع
بكاء عند رسم دارس ؟ وهذا استفهام يتضمّن معنى الإنكار ، والمعنى عند التحقيق : ولا طائل في البكاء في هذا الموضع ، لأنه لا يردّ حبيباً ولا يجدي
على صاحبه بخير ، أو لا أحد يعوّل عليه ويفزع إليه في مثل هذا الموضع . وتلخيص المعنى : وإنّ مخلصي ممّا بي هو بكائي ، ثمّ قال : ولا ينفع
البكاء عند رسم دارس
.


( 7 ) كدأبك من أمّ الحويرث قبلها ... وجارتها أمّ الرّبــــــاب بمأسل

الدّاب والدّأبّ ، بتسكين الهمزة وفتحها : العادة ، وأصلها متابعة العمل والجدّ في السّعي ، دأب يدأب دأباً ودئاباً ودؤوباً ، وأدأبت السّير : تابعته .
مأسل ، بفتح السّين : جبل بعينه . ومأسل بكسر السّين : ماء بعينه ، والرّواية فتح السّين .


يقول : عادتك في حبّ هذه كعادتك من تينك ، أي قلة حظك من وصال هذه ومعاناتك الوجد بها كقلة حظك من وصالهما ومعاناتك الوجد بهما .
قبلها : أي قبل هذه التي شغفت بها الآن .


يتبع إن شاء الله تعالى

خذ العلم مني 01-13-2011 04:35PM

( 3 )

تكملة شرح معلقة امرىء القيس :

( 8 ) إذا قامتا تضوّع المسك منهما ... نسيم الصّبا جاءت بريّا القرنفل


ضاع الطيب وتضوّع إذا انتشرت رائحته . الريّا : الرّائحة الطيّبة .

يقول : إذا قامت أمّ الحويرث وأمّ الرّباب فاحت ريح المسك منهما كنسيم الصّبا إذا جاءت بعرف القرنفل ونشره . شبّه طيب ريّاهما بطيب
نسيم هبّ على قرنفل وأتى بريّاه ، ثمّ لمّا وصفهما بالجمال وطيب النّشر وصف حاله بعدهما .

( 9 ) ففاضت دموع العين منّي صبابة ... على النّحر حتى بلّ دمعي محملي


الصّبابة : رقّة الشوق ، وقد صبّ الرّجل يصبّ صبابة فهو صبّ ، والأصل صبب فسكنت العين وأدغمت في اللام . المحمل : حمالة
السّيف ، والجمع المحامل ، والحمائل جمع الحمالة .

يقول : فسالت دموع عيني من فرط وجدي بهما وشدّة حنيني إليهما حتى بلّ دمعي حمالة سيفي . ونصب صبابة على أنه مفعول له
كقولك : زرتك طمعاً في برّك ، قال الله تعالى : ( من الصّواعق حذر الموت ) البقرة - 19 - أي لحذر الموت ، وكذلك زرتك للطمع
في برّك ، وفاضت دموع العين مني صبابة .

( 10 ) ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح ... ولا سيّما يـــوم بدارة جلجـــل


في ربّ لغات : وهي ربّ بضمّ الرّاء ، وربّ بفتح الرّاء ، ورب بضمّ الرّاء وتسكين الباء ، ورب بضمّ الرّاء وفتح الباء ، ثمّ تلحق التاء
فتقول : ربّة وربّت ، وربّ موضوع في كلام العرب للتقليل وكم موضوع للتكثير ، ثمّ ربما حملت ربّ على كم في المعنى فيراد بها التكثير
وربما حملت كم على ربّ في المعنى فيراد بها التقليل ، ويروى : ( ألا ربّ يوم كان منهنّ صالح ) ، والسيّ : المثل ، يقال : هما سيّان
أي مثلان . ويجوز في يوم الرّفع والجرّ ، فمن رفع جعل ما موصولة بمعنى الذي ، والتقدير : ولا سيّ اليوم الذي هو بدارة جلجل ، ومن
خفض جعل ما زائدة وخفضه بإضافة سيّ إليه فكأنّه قال : ولا سيّ يوم أي ولا مثل يوم دارة جلجل وهو غدير بعينه .

يقول : ربّ يوم فزت فيه بوصال النساء وظفرت بعيش صالح ناعم منهنّ ولا يوم من تلك الأيّام مثل يوم دارة جلجل ، ويريد أن ذلك اليوم
كان أحسن الأيّام وأتمّها ، فأفادت لا سيّما التفضيل والتخفيض .

( 11 ) ويوم عقرت للعذارى مطيّتي ... فيا عجباً من كورها المتحمّل


العذراء من النساء : البكر التي لم تفتضّ ، والجمع العذارى . الكور : الرحل بأداته ، والجمع الأكوار والكيران ، ويروى : ( من رحلها )
والمتحمّل : الحمل . فتح يوم مع كونه معطوفاً على مجرور أو مرفوع وهو يوم بضمّ الميم أو يوم بكسر الميم بدارة جلجل ، لأنه بناه على
الفتح لمّا أضافه إلى مبني وهو الفعل الماضي ، وذلك قوله عقرت ، وقد يبنى المعرب إذا أضيف إلى مبني ، ومنه قوله تعالى : ( إنه لحق
مثل ما أنكم تنطقون ) الذاريات -23 - ، فبنى مثل على الفتح مع كونه نعتاً لمرفوع لمّا أضافه إلى ما وكانت مبنيّة ، ومنه قراءة من قرأ ( ومن
خزي يومئذ ) هود - 66 - ، بنى يوم على الفتح لما أضافه إلى ( إذ ) وهي مبنيّة وإن كان مضافاً إليه ، ومثله قول النابغة الذبياني :


على حين عاتبت المشيب على الصّبا ... فقلت : ألمّا تصح والشيب وازع ؟

بنى حين على الفتح لمّا أضافه إلى الفعل الماضي ، فضّل يوم دارة جلجل ويوم عقر مطيّته للأبكار على سائر الأيّام الصّالحة التي فاز بها من
حبائبه ، ثمّ تعجّب من حملهنّ رحل مطيّته وأداته بعد عقرها واقتسامهنّ متاعه بعد ذلك . فيا عجباً : الألف فيه بدل من ياء الإضافة ، وكان
الأصل : فيا عجبي ، وياء الإضافة يجوز قلبها ألفاً في النداء نحو : يا غلاماً في : يا غلامي ، فإن قيل : كيف نادى العجب وليس مما
يعقل ؟ قيل في جوابه : إن المنادى محذوف ، والتقدير : يا هؤلاء ، أو يا قوم ، اشهدوا عجبي من كورها المتحمّل ، فتعجّبوا منه ، فإنه قد
جاوز المدى والغاية القصوى ، وقيل : بل نادى العجب اتساعاً ومجازاً ، فكأنه قال : يا عجبي تعال واحضر فإن هذا أوان إتيانك وحضورك .

( 12 ) فظلّ العذارى يرتمين بلحمها ... وشحم كهدّاب الدّمقس المفتــّل


يقال : ظل زيد قائماً إذا أتى عليه النهار وهو قائم ، وبات زيد نائماً إذا أتى عليه الليل وهو نائم ، وطفق زيد يقرأ القرآن إذا أخذ فيه ليلاً
ونهاراً . الهدّاب والهدب : اسمان لما استرسل من الشيء نحو ما استرسل من الأشفار من الشعر ومن أطراف الأثواب ، الواحدة هدّابة
وهدبة ، ويجمع الهدب على الأهداب . الدّمقس والمدقس : الإبريسم ، وقيل : هو الأبيض منه خاصّة .

يقول : فجعلن يلقي بعضهنّ إلى بعض شواء المطيّة استطابة أو توسّعاً فيه طول نهارهنّ ، وشبّه شحمها بالإبريسم الذي أجيد فتله وبولغ
فيه ، وقيل : هو القزّ .

يتبع إن شاء الله تعالى .

تحيّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:35PM

تكملة شرح معلقة امرىء القيس

( 13 ) ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة ... فقالت : لك الويلات إنك مرجلي

الخدر : الهودج ، والجمع الخدور ، ويستعار للستر والحجلة وغيرهما ، ومنه قولهم : خدّرت الجارية وجارية مخدّرة أي مقصورة في خدرها لا
تبرز منه ، ومنه قولهم : خدر الأسد يخدر خدراً وأخدر إخداراً إذا لزم عرينه ، ومنه قول ليلى الأخيليّة من الطويل :

فتى كان أحيا من فتاة حييّة ... وأشجع من ليث بخفــّان خادر

وقول الشاعر من الرّجز :

كالأسد الورد غدا من مخدره

والمراد بالخدر في البيت : الهودج . عنيزة : اسم عشيقته وهي ابنة عمّه ، وقيل : هو لقب لها واسمها فاطمة ، وقيل : بل اسمها عنيزة
وفاطمة غيرها . قوله : فقالت : لك الويلات ، أكثر الناس على أن هذا دعاء منها عليه ، والويلات : جمع ويلة ، والويلة والويل : شدّة
العذاب ، وزعم بعضهم أنه دعاء منها له في معرض الدّعاء عليه ، والعرب تفعل ذلك صرفاً لعين الكمال عن المدعو عليه ، ومنه قولهم : قاتله
الله ما أفضحه ! ومنه قول جميل من الطويل :

رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح

ويقال : رجل الرّجل يرجل رجلاً فهو راجل ، وأرجلته أنا صيّرته راجلاً . خدر عنيزة بدل من الخدر الأوّل ، والمعنى : ويوم دخلت خدر عنيزة
ومنه قول الشاعر من البسيط :

يا تيم تيم عديّ لا أبا لكم ... لا يلفينّكم في سوءة عمر

وصرف عنيزة لضرورة الشعر وهي لا تنصرف في غير الشعر للتأنيث والتعريف .


يقول : ويوم دخلت هودج عنيزة فدعت عليّ أو دعت لي في معرض الدّعاء عليّ ، وقالت إنك تصيّرني راجلة لعقرك ظهر بعيري ، يريد أن هذا
اليوم كان من محاسن الأيّام الصّالحة التي نالها منهنّ أيضاً .


( 14 ) تقول وقد مال الغبيط بنا معاً : ... عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل

الغبيط : ضرب من الرّحال ، وقيل : بل ضرب من الهوادج . الباء في قوله : بنا للتعدية وقد أمالنا الغبيط جميعاً . عقرت بعيري : أدبرت
ظهره ، من قولهم : سرج معقر وعقر بضمّ العين وفتح القاف وعقرة يعقر الظهر . ومنه قولهم : كلب عقور ، ولا يقال في ذي الرّوح إلا عقور .


يقول : كانت هذه المرأة تقول لي في حال إمالة الهودج أو الرّحل إيّانا : قد أدبرت ظهر بعيري فانزل عن البعير .

( 15 ) فقلت لها : سيري وأرخي زمامه ... ولا تبعديني من جناك المعلــّـل

جعل العشيقة بمنزلة الشجرة ، وجعل ما نال من عناقها وتقبيلها وشمّها بمنزلة الثمرة ليتناسب الكلام . المعلل : المكرّر ، من قولهم : علــّـه
يعلـّـه : إذا كرّر سقيه ، وعلـّـله للتكثير والتكرير . المعلـّـل : الملهي ، من قولك : علـّـلت الصّبيّ بفاكهة أي ألهيته بها ، وقد روي اللفظ في
البيت بكسر اللام وفتحها ، والمعنى على ما ذكرنا .


يقول : فقلت للعشيقة بعد أمرها إيّـاي بالنزول : سيري وأرخي زمام البعير ولا تبعديني ممّا أنال من عناقك وشمّك وتقبيلك الذي يلهيني أو الذي
أكرّره ، ويقال لمن على الدّابّة : سار يسير كما يقال للماشي كذلك ، قال : سيري ، وهي راكبة . الجنى : اسم لما يجتنى من الشجر ، والجني
المصدر ، يقال : جنيت الثمرة واجتنيتها .


يتبع إن شاء الله تعالى

خذ العلم مني 01-13-2011 04:36PM

تكملة شرح معلقة امرىء القيس :

( 16 ) فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهـيـتها عن ذي تمائم محول

خفض فمثلك بإضمار ربّ ، أراد فربّ امرأة حبلى . الطروق : الإتيان ليلاً ، والفعل طرق يطرق . المرضع : التي لها ولد رضيع ، إذا
بنيت على الفعل أنّـثت فقيل : أرضعت فهي مرضعة ، وإذا حملوها على أنها بمعنى ذات إرضاع أوذات رضيع لم تلحقها تاء التأنيث ..
ومثلها حائض وطالق وحامل ، لا فصل بين هذه الأسماء فيما ذكرنا ، وإذا حملت على أنها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث ، وإذا
حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث ، ومعنى المنسوب في هذا الباب أن يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا ، والاسم إذا كان من هذا
القبيل عرّته العرب من علامة التأنيث كما قالوا : امرأة لابن وتامر أي ذات لبن وذات تمر ، ورجل لابن تامر أي ذو لبن وذو تمر ، ومنه
قول الله تعالى : ( السّماء منفطر به ) - المزمّل 18 - نصّ الخليل على أن المعنى : السماء ذات انفطار به ، لذلك تجرّد منفطر عن علامة
التأنيث ، وقوله تعالى : ( لا فارض ولا بكر عوان ) - البقرة 68 - أي لا ذات فرض ، وتقول العرب : جمل ضامر وناقة ضامر ، وجمل
شائل وناقة شائل ، ومنه قول الأعشى من السّريع :


عهدي بها في الحيّ قد سربلت ... بيضاء مثل المهرة الضامر

أي ذات الضّمور ، وقول الآخر من مجزوء الكامل :

وغرّرتني وزعمت أنك .. لابن في الصّيف تامر

أي ذات لبن وذات تمر ، وقول الآخر من الرّجز :

ورابعتني تحت ليل ضارب ... بساعد فعم وكفّ خاضب

أي ذات خضاب ، وقال أيضاً من الرّجز :

يا ليت أمّ العمر كانت صاحبي ... مكان من أمسى على الرّكائب

أي ذات صحبتي ، وأنشد النّحويّون من الطويل :

وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفاً كأفحوص القطاة المطرّق

أي ذات التطريق ، والمعوّل في هذا الباب على السّماع إذ هو غير منقاد للقياس . لهيت عن الشيء ألهى عنه لهياً إذا شغلت عنه وسلوت
وألهيته إلهاءً إذا شغلته . التميمة : العوذة ، والجمع التمائم . يقال : أحول الصّبيّ إذا تمّ له حول فهو محول ، ويروى : عن ذي تمائم
مغيل ، يقال : غالت المرأة ولدها تغيل غيلاً وأغالت تغيل إغيالاً إذا أرضعته وهي حبلى . ويروى : ومرضع بالعطف على حبلى .
ويروى : ومرضعاً على تقدير طرقتها ، ومرضعاً تكون معطوفة على ضمير المفعول .


يقول : فربّ امرأة حبلى قد أتيتها ليلاً وربّ امرأة ذات رضيع أتيتها ليلاً فشغلتها عن ولدها الذي علقت عليه العوذة وقد أتى عليه حول
كامل ، أو قد حبلت أمّه بغيره فهي ترضعه على حبلها ، وإنما خصّ الحبلى والمرضع لأنهما أزهد النساء بالرّجال ، وأقلهنّ شغفاً بهم وحرصاً
عليهم ، فقال : خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني ؟ قوله : فمثلك ، يريد به فربّ امرأة مثل عنيزة في ميله إليها
وحبّه لها لأن عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع .


( 17 ) إذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشقّ وتحتي شقّها لم يحوّل

شقّ الشيء : نصفه .

يقول : إذا ما بكى الصّبيّ من خلف المرضع انصرفت إليه بنصفها الأعلى فأرضعته وأرضته وتحتي نصفها الأسفل لم تحوّله عني ، وصف
غاية ميلها إليه وكلفها به حيث لم يشغلها عن مرامه ما يشغل الأمّهات عن كل شيء .


( 18 ) ويوماً على ظهر الكثيب تعذرت ... عليّ وآلت حلفة لم تحلـّـل

الكثيب : رمل كثير ، والجمع أكثبة وكثب وكثبان . التعذر : التشدّد والالتواء . الإيلاء والائتلاء والتألي : الحلف ، يقال : آلى وائتلى
وتألى إذغ حلف ، واسم اليمين الأليّة والألوة والألوة معاً ( بفتح الهمزة وضمّها ) ، والحلف المصدر . والحلف بكسر اللام ، الاسم الحلفة :
المرّة . التحلل في اليمين : الاستثناء . نصب حلفة لأنها حلت محل الإيلاء كأنه قال : وآلت إيلاءً ، والفعل يعمل فيما وافق مصدره في
المعنى كعمله في مصدره نحو قولهم : إني لأشنؤه بغضاً وإني لأبغضه كراهية .


يقول : وقد تشدّدت العشيقة والتوت ، وساءت عشرتها يوماً على ظهر الكثيب المعروف ، وحلفت حلفاً لم تستثن فيه أنها تصارمني
وتهاجرني ، هذا ويحتمل أن يكون صفة حال اتفقت له مع عنيزة ، ويحتمل أنها مع المرضع التي وصفها .


( 19 ) أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

مهلاً : أي رفقاً . الإدلال والتدلل : أن يثق الإنسان بحبّ غيره إيّاه فيؤذيه علىحسب ثقته به ، والاسم الدّاله والدّال والدّلال . أزمعت
الأمر وأزمعت عليه : وطنت نفسي عليه .


يقول : يا فاطمة دعي بعض دلالك وإن كنت وطنت نفسك على فراقي فأجملي في الهجران .نصب بعض لأن مهلاً ينوب مناب دع .
الصّرم : المصدر ، يقال : صرمت الرّجل أصرمه صرماً إذا قطعت كلامه ، والصّرم الاسم . فاطمة : اسم المرضع أو اسم عنيزة
وعنيزة لقب لها فيما قيل .


( 20 ) أغرًك منّي أنّ حبّك قاتلي ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل

يقول : قد غرّك مني كون حبّك قاتلي وكون قلبي منقاداً بحيث مهما أمرته بشيء فعله . وألف الاستفهام دخلت على هذا القول
للتقرير لا للاستفهام والاستخبار ، ومنه قول جرير من الوافر :


ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح ؟

يريد أنهم خير هؤلاء ، وقيل بل معناه قد غرّك مني أنك علمت أن حبّك مذللي ، والقتل التذليل ، وأنك تملكين فؤادك ، فمهما أمرت
قلبك بشيء أسرع إلى مرادك فتحسبين أني أملك عنان قلبي كما ملكت عنان قلبك حتى يسهل عليّ فراقك كما سهل عليك فراقي .
ومن الناس من حمله على مقتضى الظاهر وقال : معنى البيت : أتوهّمت وحسبت أن حبّك يقتلني أو أنك مهما أمرت قلبي بشيء
فعله ؟ قال : يريد أن الأمر ليس على ما خيّل إليك فإني مالك زمام قلبي ، والوجه الأمثل هو الوجه الأوّل . وهذا القول أرذل الأقوال
لأن مثل هذا الكلام لا يستحسن في النسيب .


يتبع إن شاء الله تعالى

خذ العلم مني 01-13-2011 04:36PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته :


( 6 )

تكملة شرح معلــّـقة امرىء القيس

( 21 ) وإن تك قد ساءتك منـّي خليقة ... فسُـلــّي ثيابي من ثيابك تنسُل

من الناس من جعل الثياب في هذا البيت بمعنى القلب ، كما حملت الثياب على القلب في قول عنترة من الكامل :

فشككت بالرّمح الأصمّ ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرّم


وقد حملت الثياب في قوله تعالى : ( وثيابك فطهّر) المدّثر - 4 - على أن المراد به القلب ، فالمعنى على هذا القول : إن
ساءك خلق من أخلاقي وكرهت خصلة من خصالي فردّي عليّ قلبي أفارقك ، والمعنى على هذا القول : استخرجي قلبي من
قلبك يفارقه . النسول : سقوط الرّيش والوبر والصّوف والشعر ، يقال : نسل ريش الطائر ينسل نسولاً ، واسم ما سقط
النسيل والنـُسال ، ومنهم من رواه تنسلي وجعل الانسلاء بمعنى التـّسلـّي ، والرّواية الأولى أولاهما بالصّواب ، ومن الناس
من حمل الثياب في البيت على الثياب الملبوسة وقال : كنـّى بتباين الثياب وتباعدهما عن تباعدهما ، وقال : إن ساءك شيء
من أخلاقي فاستخرجي ثيابي من ثيابك أي ففارقيني وصارميني كما تحبّين ، فإني لا أوثر إلا ما آثرت ولا أختار إلا ما اخترت
لانقيادي لك وميلي إليك ، فإذا آثرت فراقي آثرته وإن كان سبب هلاكي .

( 22 ) وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ... بسهميك في أعشار قلب مقـتــّـل

ذرف الدّمع يذرف ذريفاً وذرفاناً وتذرافاً إذا سال ، ثم يقال : ذرفت كما يقال دمعت عينه ، وللأئمـّة في البيت قولان ، وقال
الأكثرون : استعار للحظ عينيها ودمعهما اسم السّهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياها كما أن السّهام تجرح الأجسام وتؤثر
فيها . الأعشار من قولهم : برمة أعشار إذا كانت قطعاً ، ولا واحد لها من لفظها . المقـتـّـل : المذلـّل غاية التذليل ، والقتل
في الكلام التذليل ، ومنه قولهم : قتلت الشراب إذا فللت غرب سورته بالمزاج ، ومنه قول الأخطل من الطويل :

فقلت : اقتلوها عندكم بمزاجها ... وحبّ بها مقتولة حين تـُـقتل

وقال حسّان من الكامل :

إن التي ناولـتـني فرددتها ... قتلت ، قتلت ، فهاتها لم تقتل

ومنه : قتلت أرض جاهلها وقتل أرضاً عالمها ، ومنه قوله تعالى : ( وما قتلوه يقيناً ) النساء - 157 - عند أكثر الأئمـّة :
أي ما ذلـّـلوا قولهم بالعلم اليقين . وتلخيص المعنى على هذا القول : وما دمعت عيناك وما بكيت إلالتصيدي قلبي بسهمي دمع
عينيك وتجرحي قطع قلبي الذي ذلـّـلته بعشقك غاية التذليل ، أي نكايتهما في قلبي نكاية السّهم في المرمى ، وقال آخرون :
أراد بالسّهمين المُـعلـّـى والرّقيب من سهام الميسر . والجزور يقسم على عشرة أجزاء ، فللمعلـّى سبعة أجزاء وللرّقيب ثلاثة
أجزاء ، فمن فاز بهذين القدحين فقد فاز بجميع الأجزاء وظفر بالجزور ، وتلخيص المعنى على هذا القول : وما بكيت إلا
لتملكي قلبي كلـّه وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي بكلـّه ، والأعشار على هذا القول جمع عشر لأن أجزاء الجزور عشرة والله
أعلم .

يتبع إن شاء الله تعالى

تحيّـاتي

خذ العلم مني 01-13-2011 04:37PM

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته :


( 7 )

تكملة شرح معلــّـقة امرىء القيس

23 ) وبـيـضة خدر لا يرام خباؤها ... تمتــّعتُ من لهو بها غير مـُعـجـِلِ


أي ورُبّ بيضة خدر ، يعني : ورُبّ امراة لزمت خدرها ، ثمّ شبـّـهها بالبيض ، والنساء يشبّـهن بالبيض من ثلاثة أوجه :
أحدها بالصّـحّـة والسّـلامة عن الطــّمث ، ومنه قول الفرزدق من الوافر :

خرجن إليّ لم يـُطـمـثـن قبلي ... وهنّ أصحّ من بيض النـّـعام

ويـُـروى : دُفـعـن إليّ ، ويـُروى : برزن إليّ ، والثاني : في الصـّيانة والسّــتر لأن الطــّـائر يصون بيضه ويحضنه ، والثالث في
صفاء اللون ونقائه لأن البيض يكون صافيَ اللون نقيـّه إذا كان تحت الطــّـائر ، وربما شــُبّـهت النساء ببيض النعام ، وأريد أنهن بيض تشوبهن صفرة
يسيرة وكذلك لون بيض النعام ، ومنه قول ذي الرّمــّـة من البسيط :

كــأنــّـها فضــّـة قــــد مسّــها الذهب

الرّوم : الطــّـلب ، والفعل منه يروم . الخباء : البيت إذا كان من قطن أو وبر أو صوف أو شعر ، والجمع : الأخبية . التمتع :
الانتفاع ، وغير يروى بالنصب والجرّ ، فالجرّ على صفة لهو ، والنصب على الحال من التاء في تمتعت .

يقول : ورُبّ امرأة كالبيض في سلامتها من الافتضاض ، أو في الصـّـون والسّـتر أو في صفاء اللون ونقائه أو في بياضها المشوب بصفرة يسيرة
ملازمة خدرها غير خرّاجة ولاّجة انتفعتُ باللهو بها على تمكـّث وتلبـّث لم أعجل عنها ولم أشغل عنها بغيرها .

24 ) تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً ... عليّ حـِراصاً لو يـُسـرّون مقتلي

الأحراس : يجوز أن يكون جمع حارس بمنزلة صاحب وأصحاب وناصر وأنصار وشاهد وأشهاد ، ويجوز أن يكون جمع حرس بمنزلة جبل وأجبال
وحجر وأحجار ، ثم يكون الحرس جمع حارس بمنزلة خادم وخدم وغائب وغيب وطالب وطلب وعابد وعبد . المعشر : القوم ، والجمع المعاشر ..
الحراص : جمع حريص ، مثل ظراف وكرام ولئام في جمع ظريف وكريم ولئيم . الإسرار : الإظهار والإضمار جميعاً ، وهو من الأضداد
ويـُروى : لو يشرون مقتلي بالشين المعجمة ، وهو الإظهار لاغير .

يقول : تجاوزت في ذهابي إليها وزيارتي إيـّاها أهوالاً كثيرة وقوماً يحرسونها وقوماً حراصاً على قتلي لو قدروا عليه في خـُفية لأنهم لا يجترئون على
قتلي جهاراً ، أو راصاً على قتلي لو أمكنهم قتلي ظاهراً لينزجر ويرتدع غيري عن مثل صنيعي ، وحمله على الأوّل أولى لأنه كان ملكاً والملوك لا يقدر على قتلهم علانية .

25 ) إذا ما الثــّريـّـا في السّـماء تعرّضت ... تـَـعـــرّضَ أثــناء الوشـــاح المفصّـل

التـّـعرّض : الاستقبال ، والتعرّض إبداء العـُرُض ، وهو الناحية ، والتعرّض الأخذ في الذهاب عرضاً . الأثناء : النــّـواحي ، والأثناء الأوساط
واحدها ثنى مثل عصا وثِنى مثل مـِعـَى وثني مثل نـِحي ، وكذلك الآناء بمعنى الأوقات والآلاء بمعنى النـّـعم في واحدها . هذه اللغات الثلاث ( ذكرها ابن
الأنباري ) . المفصل : الذي فــُصـِـل بين خرزه بالذهب أو غيره .

يقول : تجاوزت ‘ليها في وقت إبداء الثريا عرضها في السماء كإبداء الوشاح الذي فصل بين جواهره وخرزه بالذهب أو غيره عرضه ، وأتيتها عند
رؤية نواحي كواكب الثريا في الأفق الشـّرقي ، ثمّ شبّه نواحيها بنواحي جواهر الوشاح ، هذا أحسن الأقوال في تفسير البيت ، ومنهم من قال : شبـــّـه
كواكب الثريا بجواهر الوشاح ، لأنّ الثريا تأخذ وسط السماء كما أنّ الوشاح يأخذ وسط المرأة المتوشحة ، ومنه من زعم أنه أراد الجوزاء فغلط وقال :
الثريا لأنّ التعرض للجوزاء دون الثريا ، وهذا قول محمد بن سلام الجمحي ، وقال بعضهم : تعرّض الثريا أنها إذا بلغت كبد السماء أخذت في العرض
ذاهبة ساعة كما أنّ الوشاح يقع مائلاً إلى أحد شقــّـيّ المتوشحة به .

26 ) فجئت وقد نضـّت لنوم ثيابها ... لدى السّـتر إلاّ لبسة المتفضـّـل

نضا الثياب ينضوها نضواً إذا خلعها ، ونضـّـاها ينضـّيها إذا أراد المبالغة . اللبسة : حالة اللابس وهيئة لبسه الثياب بمنزلة الجلسة والقعدة والركبة
والرّدية والإزرة . المتفضـّـل : اللابس ثوباً واحداً إذا أراد الخفــّـة في العمل ، والفضلة والفضل اسمان لذلك .

يقول : أتيتها وقد خلعت ثيابها عند النوم غير ثوب واحد تنام فيه ، وقد وقفت عند السّـتر مترقــّـبة ومنتظرة لي ، وإنما خلعت الثياب لتري أهلها أنها تريد النوم .

27 ) فقالت : يمين الله ما لك حيلة ... وما أن أرى عنك الغواية تنجــــــــــلي

اليمين : الحـَـلف . الغواية والغي : الضّـلالة ، والفعل غوي يغوي غواية ، ويروى العماية وهي العمى . الانجلاء : الانكشاف ، وجلوته
كشفته فانجلى . الحيلة أصلها حولة فأبدلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها . وإنّ في قوله : وما إن زائدة ، وهي تزاد مع ما النافية ، ومنه قول الشاعر
من الوافر :

وما إن طِـبـّـُـنا جبن ولكن ... منايانا ودولة آخرينـــــا

يقول : فقالت الحبيبة أحلـِفُ بالله ما لك حيلة ، أي ما لي لدفعك عني حيلة ، وقيل : بل معناه ما لك حجـّـة في أن تفضحني بطروقك إياي وزيارتك ليلاً .
يقال : ما له حيلة أي ما له عذر وحجـّـة ، وما أرى ضلال العشق وعماه منكشفاً عنك ، وتحرير المعنى أنها قالت : ما لي سبيل إلى دفعك أو ما لك عذر
في زيارتي ، وما أراك نازعاً عن هواك وغيـّـك ، ونصب يمين الله كقولهم : الله لأقومن ، على إضمار الفعل ، وقال الرّواة : هذا أغنج بيت في الشـّـعر .

يتبع إن شاء الله تعالى

تحيــّـاتي


الساعة الآن 03:41AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة لشبكة رهب الأدبية